ولغة أهل تهامة «مرجه» ، ولغة أهل نجد «أمرجه». وقال أبو عبيدة (١) : إذا تركت الشيء وخلّيته فقد مرجته. ومنه قولهم : مرج الأمير الناس : إذا خلّاهم بعضهم على بعض. والأمر المريج : المختلط الملتبس.
وقوله سبحانه : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً (٦١)) ، وقد قرئ : سرجا ، على الجمع. وهي قراءة حمزة والكسائي من السبعة. والباقون يقرءون : سراجا على التوحيد.
فمن قرأ «سراجا» أراد النجوم ، ومن قرأ «سراجا» أراد الشمس ، ويقوّي ذلك قوله سبحانه في موضع آخر : (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (١٦)) [نوح]. ويقوّي قراءة من قرأ «سراجا» أن النجوم من شعائر الليل ، والسّرج بأحوال الليل أشبه منها بأحوال النهار.
وإنما شبهت النجوم بالسّرج لاهتداء الناس بها في الظّلماء ، كما تهتدي بالمصابيح الموضوعة ، والنيران المرفوعة.
وفي قوله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (٦٢)) استعارة ، ومعنى خلفة ، في بعض الأقوال ، أي جعل الليل والنهار يتخالفان ، فإذا أتى هذا ذهب هذا ، وإذا أدبر هذا أقبل هذا.
وقيل : خلفة ، أي يخلف أحدهما الاخر ، فيكون ذلك من الخلافة لا من المخالفة.
وقيل : خلفة ، أي أحدهما أسود ، والاخر أبيض. وهو أيضا راجع إلى معنى المخالفة.
وفي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً (٧٣)) استعارة. والمراد ، والله أعلم ، لا يصمّون عن قوارع النّذر ، ولا يعشون عن مواقع العبر.
__________________
(١). هو معمر بن المثنّى النحوي البصري ، كان إماما في اللغة والأدب. وقال فيه الجاحظ : لم يكن في الأرض أعلم بجميع العلوم منه. واشتهر بحفظ حديث رسول الله. وقد استقدمه الرشيد إلى بغداد سنة ١٨٨ ه ـ وقرأ عليه أشياء من كتبه. وتوفي سنة ٢٠٩ ه.