ببرهانهم على أنّ الشّركاء آلهة ، وأنهم يعلمون حينئذ ، أن الحق لله فلا يحاولون شيئا.
ثم أراد أن يهوّن عليهم ما يخافون عليه من دنياهم ، إذا آمنوا به ؛ فذكر لهم أن قارون كان من قوم موسى (ع) ، فبغى عليهم ، وأنه جلّ وعلا آتاه من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بها العصبة أولو القوة ، وأنّ قومه نهوه أن يفرح بذلك ، ويغترّ به ؛ وأنّ قارون ذكر لهم ، أنه أوتيه على علم عنده ، ولا فضل لأحد عليه ، إلى غير هذا ممّا دار بينه وبينهم ، ثم ذكر أنه خسف به وبداره الأرض ، فلم يغن عنه أحد شيئا ، وذهب ما أوتيه في الدنيا ، وكأن لم يكن ؛ ثم عظّم شأن الاخرة ، وذكر سبحانه أنه يجعلها للذين لا يريدون علوّا في الأرض ولا فسادا ؛ وأنّه ، جلّت قدرته ، يحاسبهم فيها على الحسنة بخير منها ، وعلى السيّئة بمثلها.
ثم ختم السورة بتبشير النبي (ص) ، وأمره بالصبر على تكذيبهم بالقرآن ؛ فذكر له أنه هو الذي فرض عليه أحكامه ، وأنه سيردّه إلى معاد ينصره فيه عليهم ، وهو أعلم بمن جاء بالهدى ، ومن هو في ضلال ، فيجازيهم على وفق علمه ؛ ثم ذكر له أنه ما كان يرجو أن ينزّل عليه القرآن ، ولكنّ رحمته هي التي آثرته به ، فيجب أن يشكره عليه ، بعدم التأثّر بما يقترحه عليه المشركون من الآيات الأخرى : (وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٨٧) وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٨٨).