إرادتكم ، وتضعونه مواضع شهواتكم.
قوله سبحانه : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [الآية ٤٥].
وهذه استعارة ؛ والمراد بها ، أنّ الصلاة لطف في الامتناع عن المعاصي ، فأقيمت مقام الزاجر الناهي ، لأن فيها من ذكر الله تعالى ، وتلاوة كلامه ، وما فيه من بشائر ثوابه ، ونذائر عقابه ، ما هو أدعى الدواعي إلى الطاعات ، وأقوى الصوارف عن المقبّحات.
وقوله سبحانه : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٦٤).
وهذه استعارة ؛ والحيوان هاهنا مصدر كالحياة ؛ والدار التي هي دار الاخرة ، لا يجوز وصفها على الحقيقة بأنها حياة ؛ وإنما المراد أن الخلق يحيون فيها حياة دائمة ، لا موت بعدها ولا انفصال لها ؛ فلما كانت الحياة الدائمة فيها ، حسن أن توصف بها على طريق المبالغة ، لأن الصفات بالمصادر تفيد المبالغة في معاني تلك الأشياء الموصوفة.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) [الآية ٦٧].
وهي في معنى الاستعارة التي تقدّمتها على حدّ سواء ، لأنّ الحرم لا يصح وصفه بالأمن على الحقيقة ، وإنما يأمن الناس فيه ؛ فلاتصال هذه الحال ودوامها ، واختصاص الحرم بين المواضع بها ، حسن أن يوصف بالأمن على طريق المبالغة ، ولذلك نظائر كثيرة في القرآن الكريم.