ولذا سعد بهم وسعدوا به وشكروه على احسانه ونعموا في النجاة من نار الجحيم.
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ) انه التقابل الجذاب. والمنبه من الغفلات لأولي الالباب الذين تنفعهم العبر والعظات. فتنعش قلوبهم ويأخذون حذرهم الشديد من الزلق.
واعطاء الكتاب وراء الظهر كناية عن انقلاب صاحبه من وجهته الطبيعية الى عكسها بمعنى أن كل انسان قسر جده وسعيه لهذه الحياة. وأهمل أو نسي الحياة الاخرة. فانه يمشي وينظر الى ورائه. ويعمل له فقط ، ولم يعد يبصر ما أمامه من الآخرة.
ولذا ورد في الخبر : (ان الانسان من حين خروجه من بطن امه يستدبر الدنيا ويستقبل الاخرة).
فمن نظر بعقله لم يبصر سوى الموت وما بعد الموت فيعمل له ويحذر من بلاياه. ومن نظر بهواه فلم يبصر سوى هذه الدنيا وملذاتها وشهواتها فيقسر عمله لها لا غير. وحينئذ يطلق لشهواته العنان ولا يفكر في نفسه وأهله الا ما يرغبون في هذه الحياة من لهو ولعب. وفسق وفجور. وما أشبه ذلك لان هذا كل ما في هذه الدنيا الخداعة. اذن فقد عاش في أهله مسرورا. يطلق لهم يفسقون ما شاؤوا. وعند الموت سيصلى سعيرا ويدعو ثبورا. جزاء لا عراضه عن أمر ربه. وعوضا عن لعبه ولهوه وسروره مع أهله وخياتنه أمانة ربه.
(إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً) غافلا عما وراء هذه الحياة. تاركا لحفظ الامانة.
(إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ). نعم قد أنسته الجرائم كل شيء حتى أنكر حياته بعد الموت.
(بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً) فاذا الانسان غفل عن خالقه فخالقه لا يغفل