قائلون بالجبر ويلتزمون بلوازمه وهذا يوجب الكفر والنجاسة إذا الالتزام بالجبر يستلزم انهدام الشرائع فان الجبر لا يتصور فيه الاختيار كي يصحّ التكليف ومع عدم صحة التكليف لا مجال لإرسال الرسل وانزال الكتب وأما ان كان المراد بالجبر ان افعال العباد خارجة عن تحت اختيارهم ولكن يرون صحة التكليف فلا يكون هذا موجبا للكفر وبعبارة اخرى مجرد الاعتقاد بالجبر لا يوجب الكفر ولا يوجب النجاسة.
أقول : المستفاد من حديث سماعة وغيره ان قوام الإسلام بالاعتقاد بوجود الله الذي يكون جامعا لجميع الصفات الكمالية ومع انتفائه لا يتحقق الإسلام وكيف يكون الشخص المعتقد بان الله يكلف عباده بما لا يكون مقدورا لهم ويعذبهم بالعصيان.
وببيان واضح الذي يعتقد أن موجد العالم غير حكيم لا يكون معتقد بالله فإن مجرد الاعتقاد بوجود موجود مؤثر كائنا من كان لا أثر له ويؤيد المدعى بعض النصوص منها ما رواه يزيد بن عمر الشامي عن الرضا عليهالسلام في حديث قال : من زعم انّ الله يفعل افعالنا ثمّ يعذّبنا عليها فقد قال بالجبر ومن زعم ان الله فوّض أمر الخلق والرزق الى حججه فقد قال بالتفويض والقائل بالجبر كافر والقائل بالتفويض مشرك (١) ومنها ما رواه الحسين بن خالد عن الرضا عليهالسلام في حديث قال من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك ونحن منه براء في الدنيا والآخرة (٢) ومنها ما رواه حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام قال الناس في القدر على ثلاثة أوجه رجل زعم ان الله أجبر الناس على المعاصي فهذا قد ظلم الله في حكمه فهو كافر ورجل يزعم ان الأمر مفوّض اليهم فهذا قد وهن
__________________
(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب حد المرتد الحديث ٤.
(٢) نفس المصدر الحديث ٥.