الوجه الثامن : السيرة العقلائية بتقريب ان العقلاء بما هم كذلك يرون الآخذ ضامنا للبدل في صورة تلف العين هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ان الشارع الأقدس لا يكون له قانون خاص في قبال القوانين العقلائية فاذا فرض تحقق السيرة ولم يردع عنها الشارع نكشف أنه أمضاه وبعبارة أخرى مجرد عدم الردع لا يكون كافيا بل الأمر متوقف على الامضاء وحيث ان الشارع يرى سيرة العقلاء ولم يردع يكشف عن امضائه فيتم الأمر ويثبت المدعى.
أقول : التقريب المذكور تام ولكن لا ينطبق على المقام وببيان جلي اثبات المدعى بالتقريب المذكور يتوقف على عدم الردع والحال أن الشارع ردع هذه السيرة بقوله تعالى : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ)(١).
توضيح المقام ان المستفاد من الآية الشريفة ان تملك مال الغير بايّ سبب كان يكون فاسدا والسبب الوحيد عبارة عن التجارة عن تراض فتملك المالك بدل العين من الآخذ أكل بالباطل فيكون فاسدا فالسيرة على فرض تماميتها مردوعة بالآية ولعمري ما افدته في هذا المقام في كمال الجودة والدقة فما الحيلة وما الوسيلة.
الوجه التاسع : وهو الوجه الأخير ارتكاز المتشرعة بما هم كذلك.
ان قلت الآية الشريفة تردع الارتكاز قلت أين ذهبت فان المدعى انّ المتشرعة بما هم كذلك يرون الآخذ في مفروض الكلام ضامنا وحيث انجر الكلام الى هنا ننبّه بنكتة وهي انه فرق بين السيرة العقلائية والارتكاز الشرعي أو السيرة الجارية بين المتشرعة فان السيرة العقلائية لا ترتبط بالشرع ولكن الارتكاز الشرعي أو السيرة الجارية بين أهل الشرع من الشرع ومن الشارع وينبغي أن
__________________
(١) النساء : ٢٩.