وأمّا على القول بالجواز ، فلأنّه لا يترتّب صحّة العبادة ـ أيضا ـ إلّا بضمّ قواعد كبرى مسألة التّزاحم إليه ؛ إذ مقتضى هذا القول هو كون المسألة من صغريات تلك الكبرى ، فيحكم بالصّحّة بعد إعمال هذه القاعدة ، وأنت تعلم ، أنّ هذا شأن كون المسألة من مبادي مسألتي التّعارض والتّزاحم ، لا من المسائل الاصوليّة. (١)
وجه الاندفاع ؛ ما أفاده الإمام الرّاحل قدسسره حاصله : أنّ غاية ما يفيد هذا التّعليل هو أنّ البحث في هذه المسألة راجعة إلى البحث عمّا يقتضي وجود الموضوع لمسألتي التّعارض والتّزاحم ، وأنت تعلم ، أنّ مجرّد كون البحث محقّقا لموضوع بحث آخر لا يوجب أن يكون من المبادي التّصديقيّة. (٢)
وكذلك يندفع احتمال كون المسألة من المبادي الأحكاميّة الباحثة عن أحوال الأحكام ، كالبحث عن استلزام وجوب شيء لوجوب مقدّمته ، أو استلزام الأمر بالشّيء للنّهي عن ضدّه ، وكالبحث عن إمكان اجتماع حكمين من الأحكام في واحد أو إمكان تعلّقهما بعنوانين متصادقين على واحد ذي وجهين أو عدم إمكانه.
وجه الاندفاع ؛ هو أن المبادي ، إمّا تصوّريّة أو تصديقيّة ، وليس ورائهما مبادي اخرى تسمّى بالأحكاميّة ، والمفروض ، أنّ المسألة لا تندرج في شيء منهما.
أمّا المبادي التّصوّريّة ، فلأنّ المراد بها هو تصوّر نفس الموضوع والمحمول بذاتهما وذاتيّاتهما.
وأمّا المبادي التّصديقيّة ، فلأنّ المراد بها هو كونها مبدءا للتّصديق بالنّتيجة ،
__________________
(١) راجع ، أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٣٣٣ و ٣٣٤.
(٢) راجع ، مناهج الوصول : ج ٢ ، ص ١١٢.