آخر بالدّلالة (١) ، وبعض آخر بالكشف (٢) وأنت تعلم ، أنّ الأمر في مثل هذا سهل لا ينبغي إطالة الكلام فيه.
ومنها : اختلافهم في كون المسألة لفظيّة ، أو عقليّة.
ولا يخفى : أنّه ممّا لا يهمّ البحث فيه لإمكان التّكلم في المسألة على كلتا الجهتين ، لما سيأتي عند ذكر الأدلّة.
ومنها : بيان الفرق بين هذه المسألة ، والمسألة السّابقة.
هذا ـ أيضا ـ ممّا لا حاجة إلى إتعاب النّفس فيه ، بعد ما عرفت منّا ومن مشايخنا الأساطين بما لا مزيد عليه في تلك المسألة.
ومنها : تعميم محلّ النّزاع لأنواع النّهي من التّحريمي ، والتّنزيهي ، والنّفسيّ والغيريّ ، والأصليّ ، والتّبعيّ.
وأنّك ترى ، أنّه لا جدوى في البحث والمجادلة في ذلك ؛ إذ لقائل أن يقول : بمنع النّهي التّنزيهي عن التّقرّب والزّلفى ـ أيضا ـ كالنّهي التّحريمي وإن كان ذلك خلاف التّحقيق عند أرباب النّهى (٣) بأحد الوجوه المقرّرة في محلّها ، كدلالة نفس التّرخيص على الجواز والصّحّة ، أو كون الكراهة مؤوّلة إلى أقليّة الثّواب ، أو كون المنهيّ تنزيها هي الخصوصيّات اللّاحقة الخارجة عن ذات العبادة.
وواضح ، أنّ مجرّد كون شيء على خلاف التّحقيق ، لا يوجب سدّ طريق النّزاع
__________________
(١) راجع ، قوانين الاصول : ج ١ ، ص ١٥٤ ؛ والفصول الغرويّة : ص ١٣٩.
(٢) راجع ، مناهج الوصول : ج ٢ ، ص ١٤٩.
(٣) راجع ، فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٤٥٥.