والمجادلة فيه بالمرّة ، بل الأمر كذلك دائما وفي جميع المباحث الخلافيّة.
فتحصّل : أنّ هذه الامور لا ينبغي ذكرها بعنوان المقدّمة في المسألة ، بل الجدير هو تقديم امور ثلاثة :
الأوّل : أنّ النّهي تارة يتعلّق بالعبادات ، واخرى بالمعاملات ، فينبغي تعيين المراد في كلّ منهما.
أمّا العبادات ، فالمراد منها هاهنا ليس ما امر به لأجل التّعبّد به ، كما عن الشّيخ الأنصاري قدسسره (١) ، ولا ما يتوقّف صحّته على النّيّة وهي قصد امتثال الأمر ، كما عن المحقّق القمّيّ قدسسره (٢) ، ولا ما يعلم انحصار المصلحة فيه في شيء ، كما عن هذا المحقّق (٣) ـ أيضا ـ بل المراد بها هو مطلق العمل القربيّ التّقرّبي لو لا النّهي ، كما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره ولنعم ما قال ، وإليك نصّ كلامه : «والمراد بالعبادة هاهنا ما يكون بنفسه وبعنوانه عبادة له تعالى ، موجبا بذاته للتّقرّب من حضرته لو لا حرمته ، كالسّجود ... ، أو ما لو تعلّق الأمر به كان أمره أمرا عباديّا لا يكاد يسقط إلّا إذا اتي به بنحو قربيّ كسائر أمثاله ، نحو صوم العيدين والصّلاة في أيّام العادة ، لا ما امر به لأجل التّعبّديّة ...» (٤).
وإن شئت ، فقل : إنّ العبادة إمّا يراد بها العبادة الذّاتيّة بحيث لا يتوقّف التّقرّب بها على تعلّق الأمر بها ، بل يكفي مجرّد قصد التّقرّب فيها ، كالسّجود لله تعالى ، فإنّ
__________________
(١) راجع ، مطارح الأنظار : ص ١٥٨.
(٢) راجع ، قوانين الاصول : ص ١٥٤.
(٣) راجع ، قوانين الاصول : ص ١٥٤.
(٤) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٨٤ إلى ٢٨٦.