ومنها : ما تعرّضه شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره حاصله : أنّ النّهي المولويّ لو استلزم بنفس وجوده فساد المنهيّ عنه وامتناع وجوده من المكلّف للزم من وجود النّهي عدمه ؛ وذلك ، لأنّ النّهي المولوي مشروط بالقدرة على فعل متعلّقه وتركه ، فإذا فرض أنّ وجود النّهي يستلزم امتناع وجود المنهيّ عنه ، فقد استلزم وجوده انتفاء شرط وجوده ، والمشروط ينتفي بانتفاء شرطه ، وإذا امتنع أن يكون النّهي المولوي دالّا على فساد متعلّقه ، لما تقدّم ، فهو ـ أيضا ـ يقتضي أن يكون دالّا على صحّة متعلّقه ، لأنّ امتناع كون متعلّقه فاسدا ، يوجب كونه صحيحا ، ولا نعني بدلالته على الصّحّة ، إلّا ذلك. (١)
هذا ، ولكن التّحقيق يقتضي أن يقال : إنّ النّهي سواء كان في المعاملات أو العبادات لا يلازم الصّحّة بوجه.
أمّا المعاملات ، فلأنّ غاية ما يقال : في تقريب صحّتها بعد تعلّق النّهي بها ، هو ما تقدّم من الوجوه الثّلاثة ، وحاصل الجميع هو لزوم مقدوريّة متعلّق النّهي فعلا وتركا كي يتمكّن المنهي من موافقته ومخالفته ، فلو أوجب النّهي فساده لا يمكن له مخالفته ، لخروجه بنفس تعلّق النّهي به عن تحت قدرته ، فلا يمكن له إيجاده.
وفيه : أنّ المنهيّ عنه في المعاملات ليس هي المعاملة الشّرعيّة ، بل هي المبادلة العرفيّة الّتي يبنى العرف على صحّتها ويترتّب الآثار عليها : «كبيع الخمر ونحوها» حيث إنّهم مع كونهم عالمين بفساده شرعا يبيعونها بانين على الصّحّة وترتيب الآثار كلّها ، فإذا كان النّهي عنه هو الصّحيح العرفي لا الشّرعي ، فالتّمكن لإيجاده حاصل ،
__________________
(١) راجع ، منتهى الأفكار : ج ٢ ، ص ١٨١.