لأنّه مقدور للمكلّف.
ونتيجة ذلك : هو أنّه لا مانع من تعلّق النّهي المولوي بما هو صحيح عرفا ـ لكونه مقدورا عندهم ـ فيجعله محرّما مبغوضا بلا دلالة على اعتباره وصحّته شرعا.
وإن شئت ، فقل : إنّ النّهي يدلّ على صحّة المعاملة المنهيّ عنها ووقوعها وترتّب الأثر عليها عند العرف ، لا عند الشّارع النّاهي.
ولقد أجاد شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «مثلا ، الملكيّة المسبّبة عن البيع الرّبويّ المعتبر في العرف ، مبغوضة للشّارع ، فإذا نهى عنها مولويّا لم يكن نهيه هذا دالّا على صحّة هذه الملكيّة في نظر الشّارع ، لجواز أن تكون الملكيّة بهذه المعاملة غير معتبرة في الشّرع ، كما هو المفروض في المعاملة الرّبويّة ، نعم ، يدلّ النّهي المولوي على صحّة الملكيّة المسبّبة عن البيع الرّبويّ في نظر العرف ، لما ذكرنا من اشتراط كون المنهي عنه مولويّا ، ممكن الوقوع من المنهي» (١).
وأمّا العبادات ، فلعدم دلالة النّهي فيها على الصّحّة الفعليّة ، لاستحالة اجتماعها مع النّهي الفعلي ؛ وذلك ، لما سمعت مرارا ، من أنّ العبادة تحتاج إلى الأمر والخطاب مضافا إلى الملاك على بعض المسالك ، أو تحتاج إلى الملاك فقط بلا لزوم الخطاب على مسلك التّحقيق ، ومن الواضح : أنّه بعد تعلّق النّهي بها فعلا ، كما هو المفروض ، لا يبقى المجال للأمر ، كما هو واضح ، ولا للملاك ـ أيضا ـ فإنّه منتف مع وجود ملاك النّهي لامتناع أن يكون عنوان واحد ذا صلاح وفساد ، ويكون محبوبا ومبغوضا ، وعليه ، فلا معنى للصّحّة الفعليّة في العبادة.
__________________
(١) منتهى الأفكار : ج ٢ ، ص ١٨٢.