إنّما الإشكال فيما إذا كان معنى حرفيّا كمفاد «صيغة الأمر» في مثل قولنا : «إن جاءك زيد ، فأكرمه» فقد اورد عليه ، بأنّه خارج عن حريم النّزاع ، وذلك ؛ لأنّ المجعول هنا يكون حكما جزئيّا خاصّا ـ بناء على كون الموضوع له في الحروف كذلك ـ وقد عرفت : أنّ انتفاء شخص الحكم بانتفاء شرطه عقلي أجنبيّ عن مقولة المفهوم.
ولكن اجيب عن هذا الإيراد بوجهين :
أحدهما : ما هو مبنيّ على كون معاني الحروف عامّة ، وهذا ما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره حيث قال ما حاصله : إنّ الموضوع له ، بل المستعمل فيه في باب الحروف وما في معناها عامّ ، والتّشخّص والجزئيّة إنّما يكون من ناحية الاستعمال ويعدّ من عوارضه وشئونه ، فلا يمكن أخذه في الموضوع له أصلا ، وعليه ، فالجزاء حكم كلّي ولو كان من قبيل معاني هيئة الأمر. (١)
وفيه : أنّه مبتن على تماميّة ما سلكه في باب معاني الحروف من أنّها موضوعة للمعاني الكلّيّة بلا دخل للخصوصيّة في أصل المعنى الموضوع له ، ولكن قد مرّ منّا البحث في ذلك بوجه مبسوط ، وحقّقنا هناك ما يظهر به ضعف هذا المسلك ، فراجع.
ثانيهما : ما هو مبنيّ على كون معاني الحروف خاصّة ، وهذا ما أفاده الإمام الرّاحل قدسسره مستفادا من كلمات الشّيخ الأنصاري قدسسره (٢) ، فقال ما حاصله : أنّ في القضيّة الشّرطيّة المذكورة تقاريب (٣) ثلاثة :
التّقريب الأوّل : أنّ ظاهر القضيّة وإن كان هو ترتّب بعث المولى وطلبه
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣١٠.
(٢) راجع ، كتاب الطّهارة (للشّيخ الأنصاري) : ص ٤٩ ، س ٢٩.
(٣) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٤٤ و ٣٤٥.