على الشّرط لرجوع القيد والشّرط إلى مفاد الهيئة ، فيطلب المولى إيجاد مادّة الجزاء وهو «الإكرام» ويبعث إلى إيجادها على تقدير وجود الشّرط وهو المجيء ، لكن من المعلوم : أنّه ما لم تكن مناسبة بين الشّرط ومادّة الجزاء ، كان ذلك الطّلب المشروط جزافا ولغوا ، فالطّلب المشروط كاشف عن وجود مناسبة بين الشّرط وتلك المادّة ، وحاك عن كونهما بمنزلة المقتضي (بالكسر) والمقتضى (بالفتح) والمولى يتوصّل لبيان هذه المناسبة إلى الأمر بإيجاد المادّة عند ثبوت الشّرط ، وعليه ، فالتّرتّب إنّما يتحقّق بين ذات الشّرط وطبيعيّه ، وبين مطلق الجزاء وطبيعيّه الّذي تعلّق بالحكم بلا خصوصيّة للحكم الخاصّ الجزئيّ المنشأ ، فيشبه الإنشاء ، الإخبار في عموم المجعول.
التّقريب الثّاني : أنّ ظاهر الشّرطيّة وإن كان بدءا هو تعليق الوجوب على الشّرط ، لكن العقلاء حكموا في أمثالها أنّ بين الشّرط ومادّة الجزاء مناسبة تكون تلك المناسبة سببا لتعلّق الوجوب بالمادّة وتوجّه بعث المولى إليها ، فالإيجاب المتعلّق بالمادّة متفرّع على التّناسب الحاصل بينها وبين الشّرط ، فإذا قال : «إن أكرمك زيد ، فأكرمه» يفهم العرف والعقلاء أنّ التّناسب الواقعي يكون بين الإكرامين ، وإلّا كان التّفريع لغوا.
وعليه : فإذا فرض دلالة أداة الشّرط على العلّيّة المنحصرة تمّت الدّلالة على المفهوم وإن كان مفاد الهيئة خاصّة ؛ إذ المناسبة حينئذ موجودة في الحقيقة بين طبيعة متعلّق أداة الشّرط وبين مادّة الجزاء.
التّقريب الثّالث : أنّ الهيئة وإن كانت دالّة على البعث الجزئي ، لكن التّناسب بين الحكم والموضوع يوجب إلغاء الخصوصيّة عرفا ، ويجعل الشّرط علّة منحصرة لنفس الوجوب وطبيعيّه ، فبانتفائه ينتفي طبيعيّ الوجوب وسنخه.