الوجوب ، إنّما يكون من فوائد العلّيّة المنحصرة المستفادة من الجملة الشّرطيّة ، حيث كان ارتفاع شخص الوجوب غير مستند إلى ارتفاع العلّة المأخوذة فيها ، فإنّه يرتفع ولو لم يؤخذ في حيال أداة الشّرط ، كما في اللّقب والوصف. (١)
وعليه : فما في التّقريب الثّاني من قوله : «فإذا فرض دلالة الأداة على العلّيّة المنحصرة تمّت الدّلالة على المفهوم وإن كان مفاد الهيئة خاصّا» يكون ناظرا إلى ما صرّح به الشّيخ الأنصاري قدسسره كما عرفته آنفا ، لا أنّه ناظر إلى مسألة إلغاء الخصوصيّة.
كيف ، وأنّ الشّيخ قدسسره قائل في مبحث الواجب المشروط بأنّ المشروط هو الواجب ـ كالمعلّق عند صاحب الفصول قدسسره ـ لا الوجوب ـ كالمشروط عند المشهور ـ وعليه ، فالمشروط في مثل قولنا : «إن جاءك زيد فأكرمه» هو الإكرام لا وجوبه ، أو البعث إليه أو طلبه فالمجيء هو المقتضي (بالكسر) وطبيعيّ الإكرام هو المقتضى (بالفتح) ، ومعناه : هو أنّه لو لا المجيء لم يكن لطبيعيّ الإكرام ـ بناء على الانحصار ـ مقتض ومع عدم المقتضي له ، لا حكم له رأسا من دون حاجة في انتفائه مطلقا إلى إلغاء الخصوصيّة.
إذا عرفت عدم تماميّة ما عن المحقّق الخراساني والإمام الرّاحل قدسسرهما من الجواب عن الإيراد المذكور ، فنقول : في حلّ العويصة ، بأنّه لا شكّ ولا شبهة في كون الخطابات الشّرعيّة من الأوامر والنّواهي ـ ولو كانت بصورة الجملة الخبريّة ـ قانونيّة متوجّهة إلى كافّة المكلّفين إلى يوم القيامة ، وعليه ، فلو القي الخطاب إلى
__________________
(١) راجع ، مطارح الأنظار : ص ١٧٣ ، س ٢٣.