الانحصار ، لا يقع التّعارض بين الشّرطين ، بل يكون كلّ واحد من خفاء الأذان والجدران حينئذ شرطا لوجوب القصر ، وهذا واضح.
وأمّا لو قلنا : بثبوت المفهوم لها ودلالتها على الانحصار فيقع التّعارض بينهما ؛ ضرورة ، أنّه ينافي كون كلّ واحد من خفاء الأذان والجدران علّة منحصرة أو شرطا منحصرا لوجوب القصر مع كون خفاء الآخر شرطا له كذلك ، وهذا لا فرق فيه بين القول بكون التّعارض أوّلا وبالذّات في المنطوقين ـ كما اختاره الإمام الرّاحل (١) وشيخنا الاستاذ الآملي قدسسرهما (٢) وهو الحقّ ـ وبين كونه كذلك في مفهوم كلّ واحد مع منطوق الآخر ـ كما اختار المشهور (٣) ـ وهكذا لا فرق فيه بين القول بالمفهوم من طريق الوضع الحاصل من التّبادر ، أو الانصراف إلى الانحصار ، أو من طريق الإطلاق الحاصل من مقدّمات الحكمة.
وكيف كان ، فالمهمّ هنا بيان كيفيّة علاج التّعارض بعد استقراره وعدم المرجّح في البين.
فنقول : إنّ غاية ما يمكن أن يقال في العلاج : هو الوجوه الخمسة الّتي تعرّض لها المحقّق الخراساني قدسسره : (٤)
منها : الجمع بين الشّرطين «بالأو» ومقتضاه ، تخصيص مفهوم كلّ منهما
__________________
(١) راجع ، مناهج الوصول : ج ٢ ، ص ١٨٩.
(٢) راجع ، منتهى الأفكار : ج ٢ ، ص ٢٠٦. وقد علّل قدسسره لذلك بقوله : «لأنّ المفهوم ظلّ المنطوق ومن آثاره التّابعة له في السّعة والضّيق ، فلا يعقل التّصرّف في المفهوم مع بقاء المنطوق على حاله من الإطلاق أو العموم ، وعليه ، يكون التّعارض في الحقيقة بين المنطوقين ...».
(٣) راجع ، منتهى الأفكار : ج ٢ ، ص ٢٠٦.
(٤) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣١٣.