(المسألة الرّابعة : العامّ والخاصّ)
هنا جهات أربعة لا بدّ من تقديمها قبل الورود في مبحث العامّ والخاصّ :
الجهة الاولى : أنّ القوم قد خلطوا بين باب العموم والإطلاق ؛ ولذا قد قسّموا العموم إلى وضعيّ وإطلاقيّ ، مع أنّ الفرق بين البابين أمر واضح ، وقد أشار الإمام الرّاحل قدسسره إلى وجه الفرق بينهما ببيان أوفى ، فقال ما حاصله (١) : أنّ الإطلاق إنّما يفيد كون الطّبيعة بنفسها تمام الموضوع للحكم من دون إفادة للكثرة والعموم كي يسمّى عموما إطلاقيّا ، قبال العموم الوضعيّ المستفاد من مثل لفظ : «كلّ» و «جميع» و «الألف واللّام» ونحوها ، وأمّا العموم ، فهو يتقوّم أوّلا بنفس الطّبيعة ، وثانيا بما يدلّ على العموم والشّمول ، كلفظ : «كلّ» ونحوه ، ففي مثل «كلّ إنسان ناطق يدلّ لفظ : «إنسان» وهو من أسماء الأجناس على نفس الطّبيعة وصرفها بلا حكاية على شيء آخر من الأفراد والكثرة ، ويدلّ لفظ : «كلّ» على كثرة الطّبيعة الإنسانيّة. فالطّبيعة اللّابشرطيّة مستفادة من دالّ وهو متعلّق لفظ : «كلّ» والكثرة والعموم مطلقا ـ استغراقيّا كان أو مجموعيّا أو بدليّا ـ مستفاد من دالّ آخر وهو لفظ : «كل» ونحوه فيكون المقام من باب لتعدّد الدّال والمدلول.
وإن شئت ، فقل : إنّ حال الوضع في المطلقات هو حاله في أسماء الأجناس ، فكما أنّ الوضع هناك انحدر على نفس الطّبيعة المهملة العارية عن كلّ قيد حتّى قيد
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ١.