الإهمال ، كذلك الوضع هنا ، فإنّه يرد على نفس الطّبيعة المفروضة ويتعلّق بها في موقف الإطلاق بلا أيّة دلالة على العموم والكثرة حتّى يسمّى إطلاقيّا ، وهذا بخلاف العموم ، فإنّه يفيد الكثرة وكيفيّتها ـ من استغراق وغيره ـ قطعا ، وعليه ، فتعريف العامّ بأنّه ما دلّ على شمول مفهوم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه ، كما عن المحقّق الخراساني قدسسره (١) وتلميذه الأكبر المحقّق النّائيني قدسسره (٢) غير خال عن المسامحة ؛ ضرورة ، أنّ لفظ : «كلّ» في المثال لا تدلّ على شمول «الإنسان» لجميع أفراده بل «الإنسان» إنّما استعمل في معناه فقط ، وهي الطّبيعة نفسها ، والكثرة دلّت عليها كلمة اخرى وهو «الكلّ» ؛ والصّحيح أن يعرّف العامّ بأنّه : ما دلّ وحكى عن تمام مصاديق متعلّقه ممّا يصحّ أن ينطبق عليه.
ومن هنا يظهر ، أنّ تقسيم العامّ إلى العامّ المقابل للخاصّ ـ وهو الّذي يبحث عنه في باب العامّ والخاصّ ـ وإلى المطلق المقابل للمقيّد ـ وهو الّذي يبحث عنه في باب المطلق والمقيّد ـ بدعوى ، أنّ العموم ، كما يستفاد من الدّليل اللّفظي ، نظير لفظ : «كلّ» كذلك يستفاد من مقدّمات الحكمة (٣) ، ممّا لا يمكن المساعدة عليه ؛ إذ عرفت آنفا ، أنّه لا جامع قريبا بين البابين ، كيف ، وأنّ موضوع الحكم في العامّ هي أفراد الطّبيعة ومصاديقها ، وفي المطلق هو نفس الطّبيعة بصرافتها وإطلاقها من دون قيد ، ومن هنا نقول : إنّ الإطلاق هو رفض القيود لا ضمّ القيود.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٣٢.
(٢) فوائد الاصول : ج ٢ ، ص ٥١١.
(٣) راجع ، فوائد الاصول : ج ٢ ، ص ٥١١ ؛ ودرر الفوائد : ج ١ ، ص ٢١٠.