ولقد أحسن وأجاد الإمام الرّاحل قدسسره في المقام ، حيث قال : «وإن شئت ، فاستوضح الفرق بين العامّ والمطلق من قوله سبحانه (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) وقوله عزوجل (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٢) فإنّ مفاد الأوّل هو التّصريح بوجوب الوفاء بكلّ مصداق من العقد و... ، ومفاد الثّاني بناء على الإطلاق وتماميّة المقدّمات إثبات النّفوذ والحلّيّة لنفس طبيعة البيع من غير أن يكون للموضوع كثرة ...». (٣)
الجهة الثّانية : إنّ المحقّق الخراساني قدسسره قد ذهب إلى توقّف استظهار العموم من ألفاظه على إجراء مقدّمات الحكمة ، ولولاه ، لا يستفاد منها العموم ، بتقريب : أنّ أداة العموم تابعة لمتعلّقها ، فمع إطلاق المتعلّق تدلّ على تمام الأفراد ، ومع إهماله أو تقييده ، فلا تدلّ عليه ، وهكذا النّكرة في سياق النّفي أو النّهي ، فتفيد العموم إذا اخذت مرسلة لا مبهمة قابلة للتّقييد ، وإلّا فسلبها لا يقتضي إلّا استيعاب السّلب لما اريد منها يقينا ، لا استيعاب ما يصلح انطباقها عليه من أفرادها. (٤)
وفيه : أنّك عرفت ، أنّ متعلّق أداة العموم إنّما يدلّ على نفس الطّبيعة وصرفها ، وأنّ أداة العموم يدلّ على الكثرة واستيعاب ما يصلح انطباق المتعلّق من أفراده ، وإذا ، فلا حاجة إلى إجراء مقدّمات الحكمة.
وقد تفطّن المحقّق الخراساني قدسسره لهذا ـ أيضا ـ فقال قدسسره : «اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ في دلالتهما (النّهي والنّفي) على الاستيعاب كفاية ودلالة ، على أنّ المراد من المتعلّق هو
__________________
(١) سورة المائدة (٥) : الآية ١.
(٢) سورة البقرة (٢) : الآية ٢٧٥.
(٣) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٤.
(٤) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٧٥ و ٢٧٦.