الحكمان إلزاميّين ، أو أحدهما إلزاميّا والآخر غير إلزاميّ ، أو كلاهما غير إلزاميين.
أمّا الإلزاميان ، كالوجوب والحرمة ، فلعدم القدرة واستحالة الامتثال والإطاعة.
وأمّا إذا كان أحدهما إلزاميا دون الآخر ، كوجوب أحدهما واستحباب الآخر ، أو حرمة أحدهما وكراهة الآخر ، فللزوم اللّغويّة.
وأمّا إذا كان كلاهما غير إلزاميين ، كاستحباب أحدهما وكراهة الآخر أو العكس ، فللزوم اللّغويّة ، أيضا.
ونتيجة ذلك كلّه ، هو أنّ وجوب شيء يستلزم وجوب ترك ضدّه الملازم له ، ووجوب تركه يستلزم حرمة فعله لما سيأتي إن شاء الله من اقتضاء الأمر بالشّيء حرمة نقيضه ، إمّا بنحو العينيّة أو بالملازمة.
ومن المعلوم : أنّ مقتضى ذلك هو كون الضّدّ الخاصّ منهيّا عنه ، فيفسد لو كان عبادة ، كالصّلاة بالنّسبة إلى الإزالة.
وفيه : أوّلا : أنّ التّلازم بين كلّ واحد من الضّدّين مع عدم الآخر ، إنّما هو ثابت حسب التّكوين والوجود الخارجيّ ، وأمّا حسب التّشريع والاعتبار الشّرعيّ ، فلا تلازم ولا اتّحاد في الحكم بأن يحكما بحكمين متماثلين ؛ والوجه فيه ، هو أنّ الأحكام لا تكون مجعولة جزافا ، بل تابعة للمصالح والمفاسد الكامنة في المتعلّق ، فيمكن أن يكون في أحد المتلازمين مصلحة موجبة لحكم الوجوب عليه دون الآخر ، فيجوز أن يكون ذلك الآخر مباحا بإباحة لا اقتضائيّة.
وما قرع سمعكم من أنّ كلّ واقعة لا بدّ أن يكون فيها حكم ، فهو خال عن