المرحلة بسبب خاصّ ، لزم لغويّة جعل الحكم العامّ ، وإذا لم يعلم به لزم الجهل منه ، وأنت تعلم ، أنّ اللّغويّة تنافي الحكمة ، وأنّ الجهل لا طريق له إلى ساحة من لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة.
وإن شئت ، فقل : إنّ الجعل والتّشريع في الأحكام إنّما يجوز ويحسن إذا وصل الدّور إلى مرحلة الإتيان والامتثال ، بخلاف ما إذا علم بعدم الوصول إلى هذه المرحلة ، فإنّه لا موقع للجعل قطعا والبتّة ، وهذا أمر واضح بلا فرق بين أن يكون الجعل على نحو القضيّة الحقيقيّة أو الخارجيّة ، أو على نحو الموقّتة وغير الموقّتة.
فما عن المحقّق النّائيني قدسسره (١) من الفرق بين القضايا الحقيقيّة غير الموقّتة ، والموقّتة بعد حضور وقت العمل ولو كانت خارجيّة ، وبين الموقّتة قبل حضور وقت العمل ولو كانت حقيقيّة باختصاص النّسخ بالطّائفة الاولى من القضايا ، واستحالة تعلّقه بالحكم في الطّائفة الثّانية ، غير ظاهر الوجه.
ومجرّد كون الموضوع مقدّر الوجود في الخارج ، كما في القضايا الحقيقيّة عندهم ، غير كاف في صحّة الجعل وعدم لزوم اللّغويّة ، بعد العلم بعدم وصوله إلى مرحلة الفعليّة ، كما لا يخفى.
ولقد أجاد شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره في ردّ هذا التّفصيل ، حيث قال : «إنّ إنشاء الحكم على نحو الحقيقيّة وإن كان لا يحتاج إلى فعليّة الموضوع ووجوده بالفعل خارجا ، إلّا أنّ ذلك الإنشاء لا محالة يكون عن مصلحة كامنة في المتعلّق اقتضت ذلك الإنشاء كي يقع في طريق العمل ، وعليه ، فلا يعقل إنشاء آخر يمنع فعليّة الأوّل ؛ إذ هو
__________________
(١) راجع ، أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٥٠٧ و ٥٠٨.