هو العموم ، وهذا يستدعي أن يرد وقت حضور العمل لا بعده ، فلا مناص إذا من حمل ما ورد بعد حضور وقت العمل بالعامّ على النّسخ كي لا يلزم القبيح وتأخير البيان عن وقت الحاجة.
وفيه : أنّ القول بالتّخصيص في مثل المقام وإن يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة ، إلّا أنّه لا قبح فيه لو كان لأجل المصلحة المقتضية له ، أو لأجل المفسدة في التّقديم الّتي تمنع عن ذكر البيان عند الحاجة.
توضيح ذلك : أنّ القبح إنّما يكون لأحد أمرين : أحدهما : إيقاع المكلّف في الكلفة والمشقّة بلا جهة ملزمة ، كما إذا كان العامّ ظاهرا في الإلزام ، نظير قولنا : «أكرم العلماء» مع فرض عدم الإلزام في إكرام الفسّاق منهم ، ولكن لم يبيّن بعد العامّ ، فلا ريب ، في أنّ المكلّف لو عمل بظاهر العامّ بإكرام جميعهم حتّى الفسّاق منهم ، لوقع في تعب وكلفة بلا جهة موجبة جابرة ، وهذا ممّا يستقبحه العقل.
ثانيهما : إلقاء المكلّف في المفسدة أو تفويت المصلحة ، كما إذا كان العامّ ظاهرا في التّرخيص وعدم الإلزام ، نظير قولنا : «ينبغي إكرام العلماء» مع فرض أنّ إكرام العدول منهم إلزاميّ إيجابيّ ، أو أنّ إكرام الفسّاق منهم إلزاميّ تحريميّ ، ولكن لم يبيّن بعد العامّ ، فلا ريب ، في أنّ المكلّف لو ترك إكرام الجميع حتّى العدول منهم ، عملا بظاهر العامّ ، للزم منه فوت المصلحة ، وكذا لو فعل ذلك حتّى بالنّسبة إلى الفسّاق لوقع في المفسدة.
إذا عرفت هذا ، فاعلم ، أنّه لا ريب : في أنّ أحد هذين الأمرين ينتفي بوجود المصلحة الأقوى المقتضية للإلقاء في المشقّة ، أو الإلقاء في المفسدة ، أو تفويت المصلحة ، فلا يقبح حينئذ تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ألا ترى ، أنّ بيان أصل