(المسألة الخامسة : المطلق والمقيّد)
قبل الورود في المبحث لا بدّ من تقديم امور :
الأوّل : أنّ وصف اللّفظ بالإطلاق والتّقييد ، وصف بحال متعلّق الموصوف ؛ إذ هما وصفان للمعنى حقيقة ، كالعموم والخصوص.
الثّاني : أنّ دلالة المطلق على معنى شائع ، لا يراد به دلالته على المعنى والشّيوع ، بحيث كان الشّيوع جزء مدلوله ، بأن يدلّ اللّفظ المطلق ، كاسم الجنس على نفس الطّبيعة ومفهوم الشّيوع ، وهذا ممّا لم يقل به أحد ، كما أنّه لا يراد به دلالته على الشّياع والشّمول ، نظير ألفاظ العموم ، بل المراد دلالته على معنى قابل للانطباق على جنسه ، فالشّياع من شئون المعنى ولوازمه إذا لوحظ مطلقا عاريا عن جميع الحيثيّات حتّى حيثيّة التّجرّد والتّعرّي عن جميع الحيثيّات والقيود.
الثّالث : أنّ المطلق قد عرّف بأنّه ما دلّ على شائع في جنسه ، والمقصود من كلمة : «جنسه» المأخوذ في هذا التّعريف هو المجانس والأفراد الذّاتيّة ، لا الجنس المصطلح المعنون في باب إيساغوجي (الكلّيّات الخمس) من المنطق ؛ إذ لا وجه له.
وعليه ، فالتّعريف لا يكون منعكسا ولا مطّردا ، أمّا عدم الانعكاس ، فلأنّ معنى المطلق على هذا يكون كلّيّا قابلا للانطباق على كثيرين ، فيخرج عن التّعريف ، الإطلاق في الأعلام الشّخصيّة ؛ إذ ليس الإطلاق هنا إلّا بحسب الأحوال فقط ، دون الأفراد.