اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ مصبّ الكلام هنا هو الإطلاق بحسب الأفراد فقط ، لا الأحوال ـ أيضا ـ وكذا يخرج عنه ، الإطلاق في المعاني الحرفيّة ، بناء على كون الموضوع له في الحروف خاصّا جزئيّا غير قابل للإطلاق والتّقييد بحسب الأفراد.
وأمّا عدم الاطّراد ، فلأنّ التّعريف المذكور يشمل بعض المقيّدات ، كالرّقبة المؤمنة لكونه شائعا في جنسه ، إلّا أن يقال : بأنّ مثل هذا المثال مقيّد من جهة ، ومطلق من جهات ، فيعدّ من أفراد المطلق لا المقيّد.
الرّابع : أنّ الإطلاق والتّقييد أمران إضافيّان ، فالشّيء الواحد يجوز أن يكون مطلقا ومقيّدا باعتبارين ، كما أشرنا آنفا إلى أنّ مثل «الرّقبة المؤمنة» يكون كذلك.
الخامس : أنّ الظّاهر هو أنّه ليس للمطلق والمقيّد اصطلاح خاصّ في الاصول ، بل اريد منهما المعنى العرفي واللّغوي ، فالمطلق يراد به «المرسل» بمعنى : غير المقيد بشيء ، والمقيّد يراد به خلاف ذلك ، ومن هنا تكون النّسبة بينهما شبيه (١) نسبة «العدم والملكة» حيث إنّ الإطلاق هو عدم التّقييد ورفض القيد عمّا من شأنه التّقييد ؛ ولذا لا إطلاق ولا تقييد فيما ليس كذلك.
السّادس : أنّ الإطلاق يغاير العموم ؛ إذ لا يفيد الشّياع والسّريان ولو جرت فيه مقدّمات الحكمة ، بل إنّما يفيد الإرسال وحذف القيود وجعل ما هو تحت اللّفظ من المعنى تمام الموضوع بلا دخل قيد فيه ، كما أشرنا إلى هذا في ابتداء مبحث العامّ ، فراجع.
__________________
(١) والوجه في هذا التّعبير هو أنّ النّسبة الحقيقية في «العدم والملكة» إنّما تتحقّق فيما إذا كان للشّيء قوّة واستعداد ، فيخرج منهما إلى المرتبة الفعليّة وهي حصول المستعدّ له ، والمقام ليس كذلك.