بالمعنى الموجبة لصيرورة اللّفظ وجها له ، وتكون بمنزلة القرنية المتّصلة المانعة عن انعقاد ظهور المطلق في الإطلاق ؛ ولذا يقولون : إنّ المتفاهم العرفي من عنوان «ما لا يؤكل لحمه» في ما ورد من النّهي عن الصّلاة في وبر ما لا يؤكل لحمه (١) هو خصوص الحيوان مقابل الإنسان ، لا مطلق ما له الحياة ، كما هو مقتضى معناه اللّغوي ، فيفتون بجواز الصّلاة في شعر الإنسان ونحوه ، وليس ذلك إلّا للانصراف ، كانصراف لفظ : «المسح» إلى المسح باليد ، فمثل هذه الانصرافات تكون مانعة عن انعقاد الإطلاقات.
ولقد أجاد شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «وهنا قسم آخر من الانصراف ، مانع عن انعقاد الإطلاق وهو النّاشي عن كثرة الاستعمال الموجبة للانس ، بحيث إذا اطلق اللّفظ ، ينساق ذلك الفرد إلى الذّهن ، فهذا الانس الذّهني يمنع عن انعقاده لعدم جريان مقدّمات الحكمة بتمامها حينئذ ؛ إذ منها عدم القرينة على التّقييد ، والانس المذكور يكون قرينة». (٢)
نعم ، إذا كان الانصراف أجنبيّا عن الألفاظ وظهوراتها ، فهي بدويّة غير مانعة عن انعقاد الإطلاق ، كالانصراف المستند إلى الأكمليّة ، أو غلبة الوجود ، أو تعارف الممارسة الخارجيّة وكثرة المزاولة العينيّة بالنّسبة إلى بعض الأفراد والأصناف ، فأمثال هذه الانصراف تكون بدويّة غير مستقرّة تزول بأدنى تأمّل ، والعمدة للفقيه تشخيص هذه المسألة وأنّه ، هل الانصراف يكون من هذه أو تلك؟ وقد قالوا : إنّ
__________________
(١) راجع ، وسائل الشّيعة : ج ٣ ، كتاب الصّلاة ، الباب لباس المصلّى ، ص ٢٥٠ إلى ٢٦٠.
(٢) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.