هي عبارة عن تعرّض أحد الدّليلين بلسانه للدّليل الآخر من حيث التّوسعة والتّضييق لموضوعه ، بل يكون من باب تقديم الأظهر على الظّاهر ، نظرا إلى أنّ ظهور القيد في التّقييد يكون أقوى من ظهور المطلق في الإطلاق ، فالتّقديم هنا ، كالتّقديم في باب العامّ والخاصّ ، وفي باب القرينة وذي القرينة.
إذا عرفت هذين الأمرين : فاعلم ، أنّ الصّور في المسألة كثيرة ، نشير إلى عدّة مهمّة منها :
الاولى : أنّ المطلق والمقيّد مختلفان في الإثبات والنّفي مع كون الحكم فيهما تكليفيّا وهي على قسمين : أحدهما : أن يفرض الإثبات في المقيّد والنّفي في المطلق ، نظير قولنا : «لا تعتق رقبة ، وأعتق رقبة مؤمنة».
ولا ريب : أنّه يحكم هنا بحمل المطلق على المقيّد وتقييده به ؛ ضرورة ، أنّ النّهي في جانب المطلق ، سواء كان تحريميّا أو تنزيهيّا ، ينافي الأمر في جانب المقيّد ، سواء كان إيجابيّا أو استحبابيّا ، وهذا التّنافي لا يرفع إلّا بالحمل المذكور ، كما هو الحال في العامّ المنافي للخاصّ ، فإنّه يحمل على الخاصّ ويخصّص به ، على عرفت سابقا.
ولا يخفى : أنّ هذا النّحو من الجمع بين المطلق والمقيّد المتنافيين ، هو جمع دلالي عرفيّ مقبول عند العقلاء.
ثانيهما : أن يفرض الإثبات في المطلق والنّفي في المقيّد ، عكس القسم الأوّل ، نظير قولنا : «أعتق رقبة ، ولا تعتق رقبة كافرة» والحكم فيه يختلف باختلاف أنحاء النّهي في جانب المقيّد ؛ منها : ما علم دلالته على الحرمة ، فلا ريب ، أنّه يحكم هنا بحمل المطلق على المقيّد لوقوع التّنافي بينهما حينئذ ، وهذا كما أشرنا ، جمع دلاليّ