أمّا الأوّل : فتقريب التّمسّك به لإحراز الملاك هو أنّ القدرة ، إمّا تؤخذ قيدا للمتعلّق والمكلّف به ـ وهو المادّة ـ في متن الخطاب وصقع الدّليل ، أو لا.
ففي فرض الأخذ : يعلم دخلها في الملاك ، كدخل سائر القيود المأخوذة في لسان الأدلّة ، إذ لو لا الدّخل في المتعلّق لكان أخذها فيه لغوا وبلا وجه ، وعليه : فينتفي الملاك بانتفاء القدرة ؛ وذلك ، نظير الاستطاعة المأخوذة في دليل الحجّ ، وهو قوله تعالى : (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً.)(١)
وفي فرض عدم الأخذ : يعلم عدم دخلها ؛ ضرورة ، أنّ عدم أخذ القدرة قيدا للمتعلّق في متن الدّليل ولسان الخطاب ، بمعنى : أنّ الحكم والتّكليف متوجّه إلى نفس المتعلّق ومحض المكلّف به عاريا عن قيد القدرة ، يكشف عن عدم دخلها في الملاك ، ومقتضاه ، أنّ المتعلّق واجد له مطلقا ، سواء كان مقدورا ، أو غير مقدور ، والمقام من هذا القبيل ، حيث إنّ الخطاب متوجّه إلى الصّلاة المطلقة المجرّدة عن قيد القدرة ، فتكون واجدة في ظرف المزاحمة وعدم فعليّة أمرها للملاك ، أيضا.
وعليه : فتقع صحيحة بناء على الاكتفاء به في الصّحة.
وفيه : أنّ إطلاق المادّة إنّما يتمّ وينعقد لو لا احتفافها بما يصلح للقرينيّة على التّقييد ، وأمّا معه فلا ، بل الاحتفاف به يوجب الإجمال ، والمفروض ، أنّ المادّة في المقام محفوفة بهيئة أمريّة بعثيّة وهي لا تقتضي توجّه الخطاب إلى العاجز عن الامتثال ، ولعلّ عدم ذكر قيد القدرة في المتعلّق وعدم أخذه فيه هو لأجل الاكتفاء بها.
وبعبارة اخرى : لا دليل هنا على عدم إرادة المولى قيد القدرة كي يحرز
__________________
(١) سورة آل عمران (٣) : الآية ٩٧.