بمعونته إطلاق المادّة ، بل يحتمل قويّا دلالة نفس الخطاب على كونه مرادا ، ولعلّ المولى اتّكل عليه ولم يذكره في متن الدّليل. وهذا الاحتمال يوجب الإجمال وعدم انعقاد الإطلاق للمتعلّق.
وعليه : فلا يتّضح الحال من حيث دخل القدرة في الملاك شرعا وعدم دخلها ، بل نقول : بعدم إحراز الدّخل حتّى في ما لو ذكر القيد في لسان الدّليل ؛ إذ ليس شأنه كشأن ساير القيود المأخوذة في الدّليل ؛ وذلك ، لأنّ الحاكم بقيد القدرة هو العقل ، ولذا يحمل ذكرها في صقع الخطاب على الإرشاد.
ومن المعلوم : عدم حكم العقل بالدّخل في الملاك ، بل الدّخل وعدمه محتمل عند العقل على وجه سواء.
فتحصّل : أنّ قول المحقّق النّائيني قدسسره : «إذا كان متعلّق الطّلب مقيّدا بالقدرة ، كما في آيتي الحجّ والوضوء ، فالتّقييد يكشف عن دخل القدرة في الملاك واقعا» وكذا قوله : «أنّ اقتضاء الطّلب لاعتبار القدرة في متعلّقه يستحيل أن يكون بيانا ومقيّدا للإطلاق في مرتبة سابقة عليه ، فلا معنى لدعوى الإجمال» (١) غير سديد ؛ إذ المستحيل هو أخذها في المتعلّق ، وأمّا كونها ـ من جهة أخذها في الخطاب أو اقتضاء الطّلب لها ـ بيانا وأمارة على عدم الإطلاق فأمر ممكن ، لا دليل على استحالته ولا أقلّ من احتمال البيانيّة ، فهو موجب للإجمال. هذا كلّه بالنّسبة إلى إطلاق المادّة.
وأمّا إطلاق الهيئة ، فتقريب التّمسّك به لإثبات وجود الملاك وتحقّقه حالتي العجز والقدرة ، هو أنّ للهيئة دلالات ثلاثة ، بعضها مطابقيّة وبعضها التزامية.
__________________
(١) أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٢٦٦ و ٢٦٧.