أو موسّعين أو مختلفين ، فالصّور ستّة.
الاولى : ما إذا كان الضّدّان متساويين في الملاك مع كونهما مضيّقين ، ولا ريب : أنّ في هذه الصّورة يختلف الحكم ، إذ الضّدّان ، إمّا لا ثالث لهما ، وإمّا لهما ثالث. فعلى الأوّل يكونان ، كالنّقيضين يحكم بالتّخيير بينهما بالطّبع ، بلا حاجة إلى حكم الشّرع والعقل ؛ ضرورة أنّه حينئذ لا يمكن تركهما معا ولا فعلهما كذلك. وأمّا على الثّاني : فحيث إنّ المكلّف يتمكّن من تركهما معا كان الحكم بهما على وجه التّخيير ممكنا شرعا وعقلا بلا لزوم أيّ محذور ، والمفروض ـ أيضا ـ هو تساويهما في الملاك.
ثمّ إنّ التّخيير هنا ، هل هو عقليّ أو شرعيّ ، فيه قولان : ذهب المحقّق النّائيني قدسسره إلى الأوّل (١) ، وذهب جماعة منهم ، المحقّق صاحب الحاشية والمحقّق الرّشتي قدسسرهما إلى الثّاني (٢) وهو الحقّ ؛ وذلك ، لأنّ التّخيير العقليّ لا يكون إلّا بين الامور المندرجة تحت جامع وطبيعيّ يكون هو متعلّق التّكليف ، ومن المعلوم : أنّ متعلّق التّكليف في المقام ليس هو الجامع والطّبيعيّ الّذي له أفراد متكافئة ، بل هي نفس الامور المتباينة المتضادّة الّتي يقتضي الجمع بين تكاليفهما في مقام المزاحمة ، الحكم بتخييريّتها.
غاية الأمر : هذا التّكليف التّخييريّ قد ينشأ بخطابين ، كما في المقام ، وقد ينشأ بخطاب واحد ، كما في غيره ، فحقيقة التّخيير هنا أن يتوجّه التّكليف إلى كلّ من الضّدّين تعيينا ، لكن لا مطلقا ، وفي جميع الأحوال ، بل في حال عدم الآخر ، بمعنى : أنّ الشّارع قد أنشأ من الأوّل كذلك حتّى لا يقع بينهما المزاحمة.
__________________
(١) راجع ، أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٢٧٩.
(٢) راجع ، أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٢٧٩.