بتقريب : أنّ بعد سقوط كلا الخطابين لمكان المزاحمة وعدم القدرة على الجمع بينهما ، كما يستكشف العقل ـ في المتساويين ـ خطابا ثالثا تخييريّا لأجل استيفاء إحدى المصلحتين الملزمتين ، حيث إنّه لا يمكن استيفاء كلتيهما ولا يجوز ـ أيضا ـ إهمالهما ، كذلك يستكشف ـ فيما إذا كان أحد الخطابين أهمّ من الآخر ـ فعليّة خطاب المهمّ بعد سقوط خطاب الأهمّ بالعصيان لاستيفاء إحدى المصلحتين الملزمتين الكامنتين في المتعلّقين ، كالصّلاة والإزالة ، حيث لا يمكن استيفائهما ولا يجوز ـ أيضا ـ إهمالهما.
وعليه : فلا بدّ لمن عصى أمر الأهمّ ، من الإتيان بأمر المهمّ كي لا تفوت كلتا المصلحتين ، ولا يراد بالأمر التّرتّب إلّا هذا.
فتحصّل : أنّ التّرتّب ، كما أنّه ممكن ثبوتا ، كذلك ممكن إثباتا ، يستفاد من الإطلاق ، إمّا بمقتضى الجمع العرفيّ ، أو بمقتضى الاستكشاف العقليّ.
ثمّ إنّ شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره (١) قد التزم بتصحيح التّكليفين الفعليّين المتعلّقين بالضّدّين في زمان واحد عرضيّا بلا حاجة إلى التّرتّب والطّوليّة ، سواء كان الضّدّان متساويين في الملاك ، أم كان أحدهما أهمّ من الآخر ، وأفاد قدسسره في تقريب ذلك ؛ هو أنّ طلب الشّيء على نحوين :
الأوّل : أن يكون بنحو الطّلب التّام الّذي يستدعي سدّ قاطبة أبواب أعدامه من ناحية مقدّماته بإيجادها بأسرها ، ومن ناحية موانعه وأضداده بإعدامها ، دفعا أو رفعا.
الثّاني : أن يكون بنحو الطّلب النّاقص الّذي يستدعي سدّ قاطبة أبواب أعدامه ، إلّا باب العدم من ناحية ضدّه ومعانده ، فلا أمر ولا طلب من الآمر بالنّسبة
__________________
(١) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.