فذهب عدّة منهم إلى عدم التّبعيّة مطلقا ، وذهب عدّة اخرى إلى التّبعيّة كذلك ، وذهب عدّة ثالثة إلى التّفصيل بين التّوقيت بالدّليل المنفصل ، فيكون تابعا ، وبين التّوقيت بالدّليل المتّصل ، فلا يكون تابعا ، وهذا هو مختار المحقّق الخراساني قدسسره. (١)
والحقّ في المسألة ، بل في جميع الموارد المقيّدة هو القول بعدم التّبعيّة مطلقا ، بلا فرق بين اتّصال دليل التّوقيت ، وبين انفصاله.
والدّليل عليه أمران : أحدهما : أنّ الأمر والبعث لا يدعو إلّا إلى نفس ما تعلّق به وهو المأمور به والمبعوث إليه ، وحيث إنّ المفروض في المقام هو تعلّق الأمر بالطّبيعة المقيّدة ، فلا يدعو إلّا إليها.
نعم ، لو فرض أنّ المتعلّق هي الطّبيعة المطلقة بالنّسبة إلى الوقت ، لأمكن أن يقال : إنّ الأمر يدعو إليها حتّى في خارج الوقت.
وبالجملة : مقتضى كون الأمر متعلّقا بالطّبيعة المقيّدة ـ كما هو المفروض في المقام ـ هو عدم التّبعيّة وعدم دعوة الأمر إلى متعلّقه خارج الوقت ، بل يلزم الخلف لو دعى إليه كذلك ؛ إذ معنى التّوقيت هو كون الوقت قيدا للطّبيعة المأمور بها ، فلا أمر بها لو لا الوقت ، ومعنى كون الطّبيعة مأمورا بها خارج الوقت ـ أيضا ـ هو عدم كون الوقت قيدا لها ، وهذا خلف.
هذا كلّه في ما إذا لم يكن في المقام دليل على بقاء الأمر بعد الوقت من إطلاق أو عموم ، بل الدّليل هو نفس الأمر بالموقّت فقط ، فيكون مورد للنّزاع في أنّه ، هل يدلّ على بقاء التّكليف خارج الوقت ، أم لا؟
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٣٠.