وثانيا : أنّ أخبار الاستصحاب جلّها لو لا الكلّ مشتملة على التّعليل وأنّه لا ينقض اليقين بالشّكّ (١) ؛ وهذا بخلاف الرّوايات المتقدّمة ، فإنّها عارية عن هذا التّعليل ، حيث إنّه ورد في الاولى : «... اشهد بما هو علمك ...» ولم يرد «اشهد بعلمك ويقينك السّابق ولا تنقضه بشكّك اللّاحق» ؛ وفي الثّانية : «... أو نشهد على هذا؟ قال : نعم ... كلّ ما غاب من يد المرء المسلم ...» ؛ وفي الثّالثة : «... أنشهد على هذا إذا كلّفنا؟ قال : نعم ...».
وبالجملة : ليست الرّوايات المذكورة مؤيّدة لأماريّة الاستصحاب ، بل تكون من أدلّة قيام اليد ـ الّتي تكون من الأمارات ـ مقام القطع والعلم المعتبر في الشّهادة ، بل لا قيام في البين.
ولعلّ الاشتباه نشأ من تسمية عنوان الباب ، المذكورة فيه تلك الرّوايات وهو باب السّابع عشر من أبواب الشّهادات في وسائل الشّيعة ؛ بعنوان «باب جواز البناء في الشّهادة على استصحاب بقاء الملك وعدم المشارك في الإرث ...» (٢).
وتؤيّد ما ذكرناه ، رواية حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال له الرّجل : إذا رأيت شيئا في يدي رجل ، يجوز لي أن أشهد أنّه له ، قال : نعم ، قال الرّجل : أشهد أنّه في يده ولا أشهد أنّه له ، فلعلّه لغيره ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أفيحلّ الشّراء منه؟ قال : نعم ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : فلعلّه لغيره ، فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير
__________________
(١) راجع ، وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ١ ، ص ١٧٤ و ١٧٥ ؛ ج ٢ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٣٧ من أبواب النّجاسات ، الحديث ١ ، ص ١٠٥٣ ؛ وج ٥ ، كتاب الصّلاة ، الباب ١٠ من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة ، الحديث ٣ ، ص ٣٢١.
(٢) راجع ، وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ١٧ ، ص ٢٤٥.