بولايته نصف الدّرهم لغير مالكه ، حسما لمادّة الخصومة ، وعليه ، فيدخل النّصف في ملك الغير تعبّدا ، ومعه لا مخالفة للعلم الإجمالي ولا التّفصيليّ.
ثانيهما : أنّه من باب قاعدة العدل والإنصاف وهي من القواعد العرفيّة العقلائيّة قد أمضاها الشّرع في غير مورد ، نظير ما إذا تداعى شخصان في مال يكون تحت يدهما معا ، أو أقام كلّ واحد البيّنة أو حلفا ، أو نكلا مع عدم التّمكن من إقامة البيّنة ، فالحكم حينئذ هو التّنصيف لأجل تلك القاعدة ، حيث إنّه لو عمل هنا بالقرعة ـ مثلا ـ ودفع جميع المال إلى أحدهما المقروع له ، احتمل وصوله بتمامه إلى مالكه ، كما احتمل عدم وصول شيء منه إلى مالكه ، بخلاف العمل بقاعدة العدل والإنصاف في الحكم بتنصيفه ؛ إذ حينئذ يقطع بوصول بعض المال إلى مالكه وعدم وصول بعضه الآخر إليه ، وعليه ، فيلزم الموافقة القطعيّة وكذا المخالفة القطعيّة في الجملة.
وأمّا دفع التّوهّم المذكور ، بأنّ الامتزاج موجب للاشتراك القهريّ وكلّ منهما يكون شريكا قهرا في كلّ واحد واحد من الدّراهم الثّلاثة ـ مثلا ـ ولازمه أن يكون المسروق أو التّالف لهما معا لا لأحدهما ، ففيه :
أوّلا : أنّ الشّركة القهريّة إنّما تتمّ فيما إذا امتزج شيئان امتزاجا موجبا للوحدة عرفا بارتفاع الاثنينيّة ، كامتزاج السّكّر والماء ، أو امتزاج الحليب والماء ونحوهما من الأجناس المختلفة ، أو امتزاج الماء والماء ، أو الحليب والحليب ونحوهما من الأجناس المتّحدة ، وأنت ترى ، أنّ اختلاط الدّراهم ليس من هذا القبيل ، ولا امتزاج هنا موجبا للوحدة وارتفاع الاثنينيّة ، وهذا واضح غاية الوضوح.
وثانيا : أنّه لو سلّمت الشّركة القهريّة في مثل المقام ، لزم إعطاء ثلث الدّرهمين