حتّى بالنّسبة إلى وجوب الموافقة القطعيّة ، أم لا؟ بل تختصّ بالإضافة إلى حرمة المخالفة القطعيّة.
أمّا المرحلة الاولى : فلا شبهة في اقتضاء العلم الإجماليّ وتأثيره ، بمعنى : ليس حاله حال الشّكّ البدويّ أو الظّنّ حال الانفتاح المحتاج إلى الجعل والاعتبار ، كما هو ظاهر كلام المحقّق القمي قدسسره (١).
والوجه في اقتضاءه وتأثيره ، أنّه لا فارق بين العلم الإجماليّ والتّفصيليّ من حيث حقيقة العلم ، فليس الإجماليّ طورا من العلم ، والتّفصيليّ طورا آخر منه ، بل هما مشتركان في العلميّة ، والامتياز إنّما هو في وصف الإجماليّ والتّفصيليّ ، وواضح ، أنّ هذا الوصف إنّما هو بحال المتعلّق ، فلا إجمال في العلم والمعلوم بالذّات ، بل الإجمال في المعلوم بالعرض وما ينطبق عليه المعلوم بالذّات وهو الّذي قد يكون مجملا مردّدا بين أمرين أو امور ، وقد يكون مفصّلا متعيّنا.
وعليه : فالعلم الإجمالي ، كالتّفصيلي علم ، له تأثير واقتضاء ، ولو قلنا : بعدم الاقتضاء وجواز التّرخيص في أطرافه ، كما يجوز في مورد الشّكّ البدويّ ، لزم صدور ترخيص من الشّرع لارتكاب المعصية القطعيّة ، والعقل يستقلّ بقبحه.
وبعبارة اخرى : قبح التّرخيص في مخالفة التّكليف المعلوم يكون من الأحكام العقليّة المستقلّة مطلقا ، سواء كان معلوما بالإجمال أو بالتّفصيل.
ثمّ إنّه قد يقال : بأنّ العقل إنّما يحكم بالقبح والمخالفة إذا علم المكلّف بالمخالفة والعصيان ، حين العمل ، وفي المقام لا علم له كذلك حينما يرتكب كلّ واحد من الطّرفين
__________________
(١) قوانين الاصول : ج ٢ ، ص ٢٧.