أو الأطراف ، لاحتمال وجود التّكليف في الطّرف الآخر ، فإذا لا حكم للعقل بالقبح والمخالفة.
نعم ، يعلم المكلّف بالمخالفة بعد ارتكاب الكلّ ، ومن المعلوم ، عدم الحرمة في تحصيل العلم بالمخالفة ، بل الحرام هي نفس المخالفة ؛ ولذا لو ارتكب مشكوك الحرمة بشكّ بدويّ لإجراء أصالة البراءة ، لا مانع له عن تحصيل العلم بالحرمة بسبب السّؤال من المعصوم عليهالسلام ، أو بمعونة الرّمل والجفر وغيرهما من العلوم الغريبة.
وفيه : أنّ حكم العقل بقبح المخالفة يدور مدار أمرين : أحدهما : قيام الحجّة ؛ ثانيهما : وجود القدرة ، والمفروض وجود هذين الأمرين في المقام ؛ ضرورة ، أنّ المكلّف يعلم بوصول التّكليف إليه من حيث الكبرى لعلمه بحرمة كذا أو وجوب كذا ، ومن حيث الصّغرى لعلمه بأنّ هذا هو ذاك الحرام أو ذاك الواجب ، فيتمّ البيان بهذا المقدار ، بحيث لو خالف وعوقب ، لم يكن عقابا بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان.
ولقد أجاد فيما مثّل للمقام بعض الأعاظم قدسسره فقال : «إنّا لا نرى فرقا في الحكم بالقبح بين ما إذا عرف العبد ، ابن المولى بشخصه فقتله ، وما إذا علمه إجمالا بين عدّة أشخاص فقتلهم جميعا» (١).
أمّا المرحلة الثّانية : فالحقّ فيها أن يكون العلم الإجمالي علّة تامّة لإثبات اشتغال الذّمّة ولتنجيز التّكليف ، بحيث لا مجال لأن يرد التّرخيص على خلافه ؛ إذ لو كان التّرخيص بالنّسبة إلى جميع الأطراف لكان إذنا في المعصية القطعيّة ، وبالنّسبة إلى بعضها لكان إذنا في المعصية المحتملة مع العلم بوجود تكليف في البين ، ولا شبهة
__________________
(١) مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٧٠.