خامسها : الإمكان الوجوديّ والفقريّ ، قبال الإمكان الماهويّ.
سادسها : الإمكان الاحتماليّ ، الّذي أشار إليه الشّيخ ابن سينا بقوله : «كلّ ما قرع سمعك من الغرائب ، فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان» (١). فمعنى هذا الإمكان هو الاحتمال وعدم المبادرة في الحكم بالنّفي والإثبات بلا قيام البرهان على أحد ذينك الطّرفين.
ولا ريب : أنّ هذه الأنحاء السّتّة هي الّتي ذكروها أرباب الحكمة ، وذكر بعض هذه الأنحاء كالإمكان الوقوعي في كتب الاصوليين ، ليس بمعنى أنّه من مختصّات أرباب الاصول ، كما زعمه السّيّد البروجرديّ قدسسره حيث قال : «وقد ذكر الاصوليّون معنى آخر للإمكان سمّوه بالوقوعيّ و...» (٢) بل إنّهم ـ أيضا ـ أخذوا ذلك عن كتب الحكمة.
أمّا الجهة الثّانية : فالمراد من الإمكان هنا هو النّحو الرّابع وهو الإمكان الوقوعيّ قبال الامتناع الوقوعيّ ، حيث إنّ المدّعي للامتناع لا ينبغي أن يتفوّه بأنّ التّعبّد بالظّنّ من الممتنعات الذّاتيّة ، كاجتماع النّقيضين ، بل مقصوده هو الامتناع من ناحية أنّه يترتّب على التّعبّد به ، امور مستحيلة ومحاذير عقليّة مطلقا ، كاجتماع الضّدّين والمثلين ، أو بالنّسبة إلى الحكيم تعالى لا مطلقا ، كتحليل الحرام وتحريم الحلال والإلقاء في المفسدة ، أو تفويت المصلحة ؛ كما أنّ المدّعي للإمكان ، مقصوده عدم ترتّب المحال والمحذور العقلي ـ كاجتماع الضّدّين ونحوه ـ على التّعبّد بالظّنّ.
__________________
(١) الإشارات والتّنبيهات : ج ٢ ، ص ١٤٣.
(٢) نهاية الاصول : ص ٤٣٧ ، الطّبعة الجديدة.