وهذا هو ظاهر كلمة : «الجواز» أو «الإمكان» المأخوذة في العنوان.
ويؤيّد ذلك ، ما في عبارة المحقّق الخراساني قدسسره من قوله : «ثانيها في بيان إمكان التّعبّد بالأمارة الغير العلميّة شرعا ، وعدم لزوم محال منه عقلا» (١) فإنّه قدسسره قد عبّر عن الإمكان بعدم لزوم محال من التّعبّد بها عقلا ، لا عدم استحالة ، وهذا هو معنى الإمكان الوقوعي.
ومن هنا ظهر ضعف ما عن الإمام الرّاحل قدسسره من الإشكال بأنّ تفسير الإمكان بالوقوعيّ في غير محلّه ؛ إذ مع أنّه لا طريق إليه ، غير محتاج إليه ، وأنّ ما هو المحتاج إليه في هذا المقام هو الإمكان الاحتماليّ الواقع في كلام الشّيخ الرّئيس. (٢)
وجه ظهور الضّعف : أوّلا : أنّ كون المراد من الإمكان هو الاحتماليّ أجنبيّ عن ظاهر العنوان ، كما عرفت. وثانيا : أنّا نسلّم أنّه لا طريق لنا إلى إثبات الإمكان الوقوعيّ ولا يكون محتاجا إليه ، ولكن عدم طريق الإثبات إنّما هو لقصور عقلنا وعدم إحاطته بجميع الجهات المحسّنة والمقبّحة ، كما أنّ عدم الحاجة إليه إنّما هو لأجل أنّ المحتاج إليه هو الوقوع لا إمكانه بدونه ، فإن وقع التّعبّد بالظّنّ فهو ، وإلّا فمجرّد إمكان وقوعه لا يجدي ولا يترتّب عليه ثمرة عمليّة. وهذا ، كما أشرناه ، أمر آخر لا يوجب صرف ظهور العنوان في الإمكان الوقوعيّ عنه إلى الإمكان الاحتماليّ ، كما لا يخفى.
والّذي يسهّل الخطب ، أنّ العمدة هنا ردّ أدلّة الامتناع ، لا إثبات الإمكان حتّى يورد عليه بفقد البرهان.
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٤٢.
(٢) راجع ، تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ١٣٠.