فإذا كان الشّكّ في نفس التّكليف ، يرجع إلى البراءة ، وإذا كان في متعلّقه وهو المكلّف به ، يرجع إلى الاشتغال والاحتياط إن أمكن ، وإلّا يرجع إلى التّخيير ، كما إذا دار الأمر بين المتباينين. هذا كلّه بناء على القسم الأوّل.
وأمّا على القسم الثّاني (الالتفات إلى الحكم الفعليّ) : تكون القسمة ثنائيّة ، كما عن المحقّق الخراساني قدسسره حيث قال ، ما محصّله : أنّ البالغ الملتفت إلى حكم فعليّ واقعيّ أو ظاهريّ ، إمّا يقطع به أو لا ؛ وعلى الثّاني ، إمّا ينتهي إلى ما يستقلّ به العقل من اتّباع الظّنّ ، بناء على تماميّة مقدّمات الانسداد وكون النّتيجة هي الحكومة ، أو ينتهي إلى الاصول العمليّة العقليّة من البراءة والاشتغال والتّخيير ، بناء على عدم تماميّة مقدّمات الحكمة.
ثمّ إنّ لتثليث القسمة وجهين آخرين :
الأوّل : أن يكون النّظر والالتفات إلى مقام جعل الاصول والأمارات. بتقريب : أنّ للمكلّف بهذا الاعتبار حالات ثلاثة :
منها : ما يكون فوق الجعل ، كالقطع ؛ ولذا لا تناله يد الجعل لأجل كماله.
ومنها : ما يكون دون الجعل ، كالشّكّ ؛ ولذا لا تناله يد الجعل ـ أيضا ـ لأجل نقصانه.
ومنها : ما لا يكون فوق الجعل للكمال ، ولا دونه للنّقصان ، كالظّن ؛ ولذا تناله يد الجعل والاعتبار.
ولعلّ الشّيخ قدسسره نظر إلى هذا الوجه ، فثلّث القسمة ، كما يشعر به كلامه قدسسره في ابتداء مبحث البراءة حيث قال : «قد قسّمنا في صدر هذا الكتاب ، المكلّف الملتفت إلى