الحكم الشّرعيّ العمليّ في الواقعة على ثلاثة أقسام ؛ لأنّه إمّا يحصل له القطع بحكمه الشّرعيّ ، وإمّا أن يحصل له الظّنّ ، وإمّا أن يحصل له الشّكّ ، وقد عرفت : أنّ القطع حجّة في نفسه لا بجعل جاعل ، والظّنّ يمكن أن يعتبر في متعلّقه لأنّه كاشف عنه ظنّا ، لكنّ العمل به والاعتماد عليه في الشّرعيّات موقوف على وقوع التّعبّد به شرعا وهو غير واقع إلّا في الجملة ... وأمّا الشّكّ فلمّا لم يكن فيه كشف اصلا ، لم يعقل أن يعتبر». (١)
الوجه الثّاني : أن يكون التّثليث أقرب بمباحث الاصول ، لأنّ الغرض من علم الاصول ليس إلّا تحصيل المؤمّن الّذي لا يخلو من أحد أقسام ثلاثة ؛ وهي القطع ، والأمارة المعتبرة ، والاصول العمليّة ، ولا يبعد أن يكون هذا الوجه ـ أيضا ـ ممّا يعتمد عليه الشّيخ قدسسره.
فتحصّل : أنّ لكلّ من التّثنية والتّثليث في الأقسام وجها ، فلا مجال لما عن المحقّق الخراساني قدسسره من الاعتراض على الشّيخ الأنصاري قدسسره ، والعدول عن التّثليث إلى التّثنية ، أو إلى التّثليث بوجه آخر ، كما سيجيء عن قريب.
ولو أغمضنا عمّا ذكرناه من تعدّد الوجه وسلّمنا العدول ، فنقول : مستنده قدسسره وجوه ثلاثة :
أحدها : عدم اختصاص أحكام القطع الآتية بالأحكام الواقعيّة ، بل لا بدّ من التّعميم وإدراج الأحكام الظّاهريّة في متعلّق القطع البتّة. ولا ريب : أنّه على هذا يصير التّقسيم ثنائيّا ، وقد أشار المحقّق الخراساني قدسسره إلى هذا الأمر بقوله : «وإنّما عمّمنا
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ٢ ، ص ٩ و ١٠.