مجرّد الكشف عن الواقع ... الثّاني : أن يكون ذلك لمدخليّة سلوك الأمارة في مصلحة العمل وإن خالف الواقع ، فالغرض إدراك مصلحة سلوك هذا الطّريق الّتي هي مساوية لمصلحة الواقع أو أرجح منها» (١).
ولا يخفى : أنّه لا دلالة في هذا الكلام على إيجاد المصلحة السّلوكيّة بنفس قيام الأمارة ؛ إذ قوله قدسسره في ذيل الوجه الثّاني : «فالغرض إدراك مصلحة سلوك هذا الطّريق ...» يدلّ على أنّ طريق الأمارة إلى الواقع مشتمل على مصلحة لا تكون تلك المصلحة في طريق آخر من القطع والاحتياط ، فلو سلك سالك هذا الطّريق وعمل على طبقه لوصل إلى مصلحته ، لا أنّه يدلّ على كون قيام الأمارة بنفسه سببا لحدوث مصلحة في سلوك الأمارة.
نعم ، يستشكل على هذا القول (الّذي ذكره قدسسره في ذيل الوجه الثّاني) بأنّ الغرض من التّعبّد بالأمارات الغير العلميّة ليس إلّا الامتثال من فعل ما امر به وترك ما نهي عنه ، وتحصيل مصالح المأمور به وإدراكها ، والتّحرّز عن مفاسد المنهي عنه وإبعادها ، وأمّا الزّائد على هذا المقدار كإدراك مصلحة السّلوك ، فلا. غاية الأمر ، لو لم يصل إلى الواقع وفات منه مصلحته ، تتدارك تلك المصلحة الفائتة بمصلحة سلوك الأمارة ، هذا بالنّسبة إلى ذيل كلامه قدسسره في الوجه الثّاني.
أمّا صدره وهو قوله قدسسره : «أن يكون ذلك لمدخليّة سلوك الأمارة في مصلحة العمل بها» فلا دلالة فيه ـ أيضا ـ على ما ذكر من كون قيام الأمارة سببا لحدوث مصلحة في سلوكها ، بل قوله قدسسره : «في مصلحة العمل بها» يدلّ على اشتمال العمل
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ ، ص ١١٢.