بالأمارة ، على مصلحة ، إلّا أنّ قوله قدسسره : «لمدخليّة سلوك الأمارة ...» يدلّ على دخل سلوك الأمارة في مصلحة العمل بها ، والمفروض ، أنّ السّلوك ليس إلّا العمل ، فيصير مضمون الكلام ، دخل العمل بالأمارة في مصلحة العمل بالأمارة ، أو دخل سلوك الأمارة في مصلحة سلوك الأمارة ، وهذا كما ترى.
اللهمّ إلّا أن يكون مراده قدسسره ، أنّ استيفاء مصلحة العمل بالأمارة وتحصيلها ، لا سبيل إليه إلّا العمل بها وسلوكها ، لا أنّ المصلحة تحدث في العمل والسّلوك بالعمل ، كما هو ظاهر قوله قدسسره : «لمدخليّة سلوك الأمارة».
وكيف كان ، لا محصّل ظاهرا لهذا الكلام ، ولقد أحسن وأجاد قدسسره في التّعبير عن المصلحة السّلوكيّة في القسم الثّالث من أقسام الوجه الثّاني من وجهي التّعبّد بالأمارة فقال قدسسره : «الثّالث : أن لا يكون للأمارة القائمة على الواقعة تأثير في الفعل الّذي تضمّنت الأمارة حكمه ، ولا تحدث فيه مصلحة ، إلّا أنّ العمل على طبق تلك الأمارة والالتزام به في مقام العمل ، على أنّه هو الواقع ... يشتمل على مصلحة فأوجبه الشّارع ... وتلك المصلحة لا بدّ أن يكون ممّا يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع لو كان الأمر بالعمل به مع التّمكّن من العلم ، وإلّا كان تفويتا لمصلحة الواقع وهو قبيح ، كما عرفت في كلام ابن قبة» (١).
هذه العبارة كما ترى ، ظاهرة في أنّ العمل بالأمارة وسلوكها مشتمل على مصلحة يتدارك بها فوت مصلحة الواقع ، لا أنّ قيام الأمارة بنفسه يوجب حدوث مصلحة في السّلوك. وعليه : فالعبارة ناظرة إلى ما في العمل بالأمارة ، من مصلحة التّسهيل.
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ ، ص ١١٤ و ١١٥.