وعليه : فالظّهور في هذه الصّورة ليس ظنّا ، بل يكون علما ، كالصّورة الثّانية ، فيكون خارجا عن أصالة حرمة التّعبّد بالظّنّ تخصّصا ، ولا يصل الدّور إلى شرطيّة الظّنّ بالوفاق أو عدم الظّنّ بالخلاف فعلا ، أو إلى مانعيّة وجود الظّنّ بالخلاف فعلا ؛ إذ عرفت : أنّ الظّهور لا يكون من الظّنون ، بل هو من العلوم ، فلا مجال ـ أيضا ـ للتّفصيل بين ظاهر وظاهر ، ولا بين مستمع ومستمع ، وكيف كان ، فأصل حجّيّة الظّاهر مطلقا ، أمر مسلّم لا ينبغي الشّكّ فيها.
هذا ، ولكن ذهب المحقّق القميّ قدسسره وكذا الأخباري إلى خلاف ذلك ، والحريّ أن نذكر هنا مقالتهما كي يتّضح ضعفهما.
أمّا مقالة المحقّق القمي قدسسره (١) فهي راجعة إلى التّفصيل بين من قصد إفهامه بالخطاب ، فالظّواهر حجّة بالنّسبة إليه من باب الظّنّ الخاصّ ، وبين من لم يقصد إفهامه ، فلا تكون حجّة بالنّسبة إليه ، كأمثالنا بالإضافة إلى أخبار الأئمّة عليهمالسلام الصّادرة عنهم عليهمالسلام في مقام الجواب عن سؤال السّائلين ، وبالإضافة إلى الكتاب العزيز ، بناء على عدم كون خطاباته موجّهة إلينا ، وعدم كونه من باب تأليف المصنّفين ، فالظّهور اللّفظي ليس حجّة حينئذ ، إلّا من باب الظّنّ المطلق الثّابت حجّيّته عند انسداد باب العلم.
وقد استدلّ على هذه المقالة بأنّ الخطابات على قسمين : أحدهما : ما لا يختصّ إفهام المراد منه بشخص أو رهط ، كما في المؤلّفات والتّصانيف والسّجلّات الرّاجعة إلى الوصايا والأقارير والأوقاف ونحوها ، فالمقصود في أمثالها هو إفهام نفس مفاد
__________________
(١) راجع ، قوانين الاصول : ج ١ ، ص ٢٢٩ و ٣٩٨ و ٤٠٣ ؛ وج ٢ ، ص ١٠٣.