الكلام ، بمعنى : أنّ الغرض ليس إلّا تفهيم ما هو المراد منه بلا تخصيص بشخص خاصّ أو بطائفة خاصّة.
ثانيهما : ما يكون الغرض من إلقاء الخطاب ، إفهام شخص خاصّ ، أو طائفة خاصّة ، نظير ما إذا كان الكلام جوابا عن سؤال منهما ، فللسّائل حينئذ الأخذ بظاهره وهو حجّة بالنّسبة إليه ؛ إذ احتمال إرادة خلافه ، إمّا يكون ناشئا من احتمال غفلة المتكلّم عن إقامة القرينة أو غفلة المخاطب وعدم استماع القرينة. وكلّ ذلك مندفع بالأصل العقلائي ، وهي أصالة عدم الغفلة ، وهذا إنّما يتمّ بالنّسبة إلى من قصد إفهامه ؛ وأمّا من لم يقصد إفهامه ، فلا يكون سبيل له إلى الأصل المذكور ، لمكان احتمال آخر سوى الغفلة وهو احتمال وجود قرينة مقاليّة أو حاليّة سابقة أو لاحقة معهودة بين المخاطب والمخاطب ، فلا يمكن الوثوق بأنّ الظّاهر هو المراد ، بل لا يحصل الظّن به فضلا عن الوثوق سيّما إذا كان دأب المتكلّم الاعتماد على القرائن المنفصلة ، وغالب الرّوايات أجوبة عن أسئلة لأشخاص ، ودأب الشّارع ـ أيضا ـ الاعتماد على القرائن المنفصلة ، كما يظهر للمتتبّع في الرّوايات ، فحجيّة الأخبار ليست من صغريات حجيّة الظّهور والظّنّ الخاصّ ، بل تكون من صغريات حجيّة الظّنّ المطلق بمعونة مقدّمات الانسداد.
وفيه : منع صغرى وكبرى ؛ أمّا المنع الصّغروي ، فلأنّ الشّارع إنّما يكون في مقام التّشريع والتّقنين. وواضح ، أنّ مقتضاه كون النّاس والمكلّفين جميعا مقصودين بالإفهام ، بلا فرق فيه بين الخطابات الواردة في الكتاب ، وبينها الواردة في السّنّة ، كما لا فرق ـ أيضا ـ في الخطابات الرّوائيّة ، بين كونها مسبوقة بالأسئلة ، وبين عدم كونها كذلك.