والمذاهب الفاسدة ، ولعلّ المراد من قوله تعالى : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) هو هذا النّحو من التّحريف.
ثانيها : استعمال القول واللّفظ بوضعه في غير محلّه ، بمعنى : نقل اللّفظ عن موضعه الّذي ينبغي أن يوضع فيه ، إلى غيره. ولعلّ هذا النّحو من التّحريف ـ أيضا ـ هو المراد من قوله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ).
ثالثها : تطبيق مفاد كلام الله عزوجل على غير ما هو مراده تعالى ، كتطبيق قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) على أشقى الأشقياء وهو عبد الرّحمن بن ملجم المرادي ، وكتطبيق قوله عزوجل (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) على سيّد الموحّدين أمير المؤمنين عليهالسلام ، مع أنّه سبحانه تعالى أراد عكس ذلك.
وهذا النّحو من التّحريف قد وقع كثيرا ، كما لا يخفى عليك.
رابعها : زيادة الحروف أو الحركات ، وكذا نقيصتهما مع حفظ القرآن وعدم ضياعه وإن لم يكن متميّزا في الخارج عن غيره ، نظير قوله تعالى : ملك يوم الدّين مكان (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أو قوله عزوجل : بئس لاسم الفسوق مكان (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ) وهذا النّحو من التّحريف قد وقع في القرآن قطعا ، بناء على عدم تواتر القراءات ؛ إذ على هذا يكون القرآن المنزّل ، مطابقا لإحداها ، والباقى ، إمّا زيادة أو نقيصة فيه.
هذا ما قال به بعض الأعاظم قدسسره (١) ، ولكنّ الحقّ ، أنّ تسمية اختلاف قراءة
__________________
(١) البيان ، ص ٢١٦.