التّوافق في الفهم والنّظر». (١)
النّوع الخامس : أن يسمّى ـ أيضا ـ بالإجماع الحدسي ، والمراد به هو اتّفاق الجميع غير الإمام عليهالسلام كالنّوعين السّابقين ، إلّا أنّ ناقل الإجماع هنا نقل رأي المعصوم عليهالسلام عن حدس ، لا من باب الملازمة عقلا ، لأجل قاعدة اللّطف ، ولا من باب الملازمة العادية ، بل من باب الملازمة الاتّفاقيّة ، كما هو طريقة المتأخّرين. (٢)
هذا النّوع وإن كان مقبولا في الجملة ولا ينبغي أن ينكر ، إلّا أنّه ليس حجّة على وجه العموم والكلّيّة ؛ إذ المفروض ، أنّ الملازمة هنا لم تكن عقليّة ولا عادية ، بل تكون اتّفاقيّة ، فتختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ، فربّ شخص يستكشف من اتّفاق جمع قليل من الحجج ، رأي الحجّة عليهالسلام ، وربّ شخص آخر لا يرى الملازمة أصلا ، أو لا يستكشف رأي الحجّة عليهالسلام إلّا من اتّفاق علماء جميع الأمصار والأعصار.
وبالجملة : الملازمة الاتّفاقيّة تكون مسلّمة ، لا ينبغي إنكارها إلّا أنّها لا تثبت عموم الحجّيّة لإجماع الطّائفة.
فتحصّل : أنّ الإجماعات المنقولة لا تثبت حجّيّتها لنا على الوجه الكلّي ، مضافا إلى أنّ جلّ هذه الإجماعات مبتنية على قواعد أو اصول أو إطلاقات أو عمومات قد يظنّ كونها متّفقا عليها ، فتكون تلك الإجماعات مدركيّة ؛ ولذا قد يدّعى الإجماع في مسألة ، ثمّ يدّعى ما يعارضه من الإجماع ـ أيضا ـ في نفس المسألة ، ومن
__________________
(١) نهاية الاصول : ص ٥٣٤. الطّبعة الجديدة.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٦٩.