أركان الحكومة على أمر ، لا ينفكّ عن موافقة رأي السّلطان بحكم العادة». (١)
هذا النّوع ـ أيضا ـ بكلا التّقريبين مخدوش ؛ إذ هو إنّما يتمّ إذا كان في عصر الحضور وبشرط المصاحبة والملازمة ، وإلّا فلا ، والتّمثيلات قياسات مع الفارق ، كما هو واضح.
ولقد أجاد السّيّد البروجردي قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «إنّا لا نسلّم تماميّة هذه الطّريقة بنحو الكليّة ، بحيث يحكم بالملازمة العادية بين اتّفاق العلماء على أمر ، وبين العلم بتلقّيهم ذلك من المعصوم عليهالسلام أو وصول دليل معتبر منه إليهم ، ألا ترى ، أنّ علماء المعقول مع تعمّقهم ودقّة أنظارهم كثيرا ما اتّفقوا على بعض المسائل في أعصار متتالية ثمّ ظهر خلافها بالدّليل والبرهان.
نعم ، لو كانت المسألة من المسائل النّقليّة المحضة واتّفق عليه الفقهاء الّذين لا يتعبّدون إلّا بالنّقل طبقة بعد طبقة إلى عصر المعصومين عليهمالسلام ، علم منه قهرا أنّهم تلقّوها منهم عليهمالسلام بعد ما أحرزنا أنّهم لم يكونوا ممّن يفتي بالقياس والاستحسانات العقليّة والاعتبارات الظّنّية ، ولكن هذا الكلام يجري في المسائل الكلّيّة الأصليّة المبتنية على النّقل المحض ، نظير بطلان العول والتّعصيب في المواريث الّذي هو من ضروريات فقه الشّيعة بتلقّيهم إيّاه من الأئمّة عليهمالسلام.
وأمّا المسائل العقليّة المحضة ، كالمسائل الكلاميّة ، وكذا المسائل التّفريعيّة الّتي استنبطها الفقهاء من المسائل الأصليّة والقواعد الكليّة بإعمال النّظر والاجتهاد ، فاتّفاق العلماء فيها لا يكشف عن تلقّيها عن المعصومين عليهمالسلام بل يكون من باب
__________________
(١) مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ١٤٠.