ورابعا : أنّ اللّطف وإظهار الحقّ لو كان واجبا ، لكان واجبا في كلّ موارد الخطأ في الأمارات والاصول ، وبالنّسبة إلى كلّ واحد من المكلّفين وذوي العقول ، وهذا ، كما ترى ، لا دليل عليه ، لا في الفروع ، ولا في الاصول.
النّوع الرّابع : أن يسمّى بالإجماع الحدسي ، والمراد به ـ أيضا ـ كالنّوع الثّالث هو اتّفاق الجميع غير الإمام عليهالسلام ولو في عصر واحد ، إلّا أنّ ناقل الإجماع هنا نقل رأي المعصوم عن حدس من سبب مستلزم له بالملازمة العادية بين اتّفاقهم على حكم ، وبين قول الإمام عليهالسلام ؛ وذلك لتقريبين :
أحدهما : أنّ اتّفاق العلماء يستلزم القطع بقول المعصوم عليهالسلام ولا أقلّ من الاطمئنان عادة ، لمكان تراكم الظّنون ، فيحصل من قول فقيه ، ظنّ ما ، ومن قول آخر موافق له ، يتقوّى هذا الظّنّ ، وهكذا إلى أن يصل إلى حدّ الاطمئنان ، أو يحصل القطع ، وهذا هو الحال في المتواتر من الأخبار ، حيث إنّه يحصل ظنّ من إخبار شخص ، فيتقوّى بإخبار بعد إخبار إلى أن يصل إلى حدّ الاطمئنان أو يحصل القطع.
ثانيهما : أنّ مقتضى العادة هو عدم انفكاك رأي الرّعيّة عن رأي الحاكم ، وعدم انفكاك رأي المرءوسين عن رأي الرّئيس ، وقد مثّل له الإمام الرّاحل قدسسره بقوله : «أنّ من ورد في مملكة فرأى في كلّ بلد وقرية وكورة وناحية منها ، أمرا رائجا بين أجزاء الدّولة ، كقانون النّظام ـ مثلا ـ يحدس حدسا قطعيا بأنّ هذا قانون المملكة وممّا يرضى به رئيس الدّولة». (١)
ومثّل له ـ أيضا ـ بعض الأعاظم قدسسره بقوله : «إنّ اتّفاق جميع الوزراء وجميع
__________________
(١) أنوار الهداية : ج ١ ، ص ٢٥٧.