وكذلك الأمر في الحذر ، فالجمع فيه ـ أيضا ـ استغراقيّ أفراديّ.
ويتّضح حال هذا النّحو من الخطاب عند مقايسته بالخطابات العرفيّة ، كأمر الوالد ـ مثلا ـ لأولاده بالنّفر للطّبابة أو التّجارة أو الزّراعة وغيرها ، فلا يراد منه هو نفر مجموع الأولاد من حيث المجموع ، بل يراد منه هو نفر كلّ واحد واحد منهم.
الأمر الرّابع : أنّ متعلّق كلمة : «لعلّ» يكون دائما من العلل الغائيّة لما قبلها ، من غير فرق بين التّكوينيّات والتّشريعيّات ، وبين الاختياريّات وغيرها.
وعليه : فإذا كان المتعلّق أمرا اختياريّا ، كان حكمه حكم ما قبل كلمة : «لعلّ» من الوجوب أو النّدب ، وحيث إنّ الإنذار يكون واجبا ، فالحذر كذلك ؛ إذ جعل الفعل الاختياريّ غاية للواجب يلازم وجوبه ـ أيضا ـ وإلّا لم يكن من العلل الغائيّة.
الأمر الخامس : أنّ المراد من الحذر ليس هو الخوف النّفساني غير الواصل إلى مرتبة العمل والامتثال الخارجي ؛ إذ لا معنى لكون ذلك غاية للتّفقّه والإنذار ، بل المراد منه هو الحذر العمليّ والاتّباع الخارجيّ الّذي يحصل بالعمل بقول المنذر وتصديق قوله والجري على ما يقتضيه من الحركة والسّكون.
إذا عرفت تلك الامور الخمسة ، علمت : أنّ آية النّفر تدلّ على حجّيّة خبر الواحد من العدل والثّقة ؛ لما اشير إليه من وجوب حذر كلّ واحد من المنذرين (بالفتح) بإنذار كلّ واحد من المنذرين (بالكسر) ومقتضاه هو أنّ الإنذار ولو صدر من شخص واحد يكون حجّة على المنذر (بالفتح) فيجب عليه العمل بقوله ، والجري على ما يقتضيه من الحركة والسّكون.
والعموم وإن كان يعمّ إنذار الفاسق ووجوب الحذر بإنذاره ـ أيضا ـ إلّا أنّه