لا الاصطلاحي الدّارج بين المحدّثين وهو الإماميّ العادل ، تقع النّسبة بين العدالة والوثاقة بنحو العموم من وجه ، فربّ راو عادل لا يكون ثقة لكونه كثير السّهو والخطأ ، وربّ راو ثقة حافظ متحرّز عن الكذب ، لا يكون عادلا ، وربّ راو يجتمع الصّفتان فيه ، فالمتيقّن من تلك الأخبار هو مورد الاجتماع. وعليه ، فعند التّواتر الإجماليّ لا يستفاد منها إلّا حجّيّة الخبر الصّحيح الأعلائي وهو ما يكون راويه موثّقا وعادلا.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني قدسسره (١) قد اختار مسلكا آخر في المقام وهو لا يخلو من جودة ومتانة ، حاصله : أنّه قدسسره بعد اعترافه بأنّ المتيقّن من تلك الأخبار هو حجّيّة الخبر الصّحيح الأعلائي ، ذهب إلى أنّ المستفاد منها حجّيّة خبر الثّقة وإن لم يكن عادلا ، بدعوى : أنّ في جملتها خبرا صحيحا يدلّ على حجّيّة الخبر الموثّق ، كرواية الحسن بن علي بن يقطين ، عن الرّضا عليهالسلام قال : «قلت : لا أكاد أصل إليك أسألك عن كلّ ما أحتاج إليه من معالم ديني ، أفيونس بن عبد الرّحمن ثقة ، آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني؟ فقال : نعم» (٢) ، حيث يعلم من هذه الرّواية ونظائرها ، حجّيّة خبر الثّقة ولو لم يكن عادلا ذا ملكة العدالة.
هذا كلّه في الاستدلال على حجّيّة الخبر الواحد بالسّنة.
أمّا الإجماع ، فهو يقرّر بوجوه ، لا حاجة بنا إلى نقل جميعها ، بل نكتفي بالعمدة منها وهي وجهان :
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٩٧.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، ج ١٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٣ ، ص ١٠٧.