الأوّل : الإجماع القوليّ من الأصحاب واتّفاقهم ـ عدا السّيد المرتضى قدسسره وأتباعه ـ على حجّيّة الخبر الواحد.
وفيه : أوّلا : أنّ هذا الإجماع منقول بخبر واحد ، فكيف يمكن أن يستدلّ به على حجّيّته.
وثانيا : لو سلّم نقله من طريق التّواتر ، فلا يعتمد عليه ، لاستناد المجمعين إلى الأدلّة النّقليّة من الكتاب والسّنة ، ولا أقلّ من احتمال استنادهم إلى تلك الأدلّة ، فيكون الإجماع حينئذ مدركيّا أو محتمل المدركيّة.
الوجه الثّاني : الإجماع العمليّ من المتشرّعة وسيرتهم من زمن المعصومين عليهمالسلام والصّحابة والتّابعين إلى زماننا هذا ، على الاعتماد بخبر الثّقة.
وفيه : أنّ ثبوت هذه السّيرة وإن كان أمرا مسلّما غير قابل للإنكار ؛ إذ من المقطوع به ، عدم أخذ جميع المكلّفين للأحكام من شخص النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الإمام عليهالسلام ولا سيّما النّساء وأهل البوادي والبلدان ، بل كان كثير منهم يرجع إلى الامناء والثّقات في الإخبار وإيصال الأحكام ، لكنّه لم يكن ذلك ، لكونهم متشرّعين حتّى يستكشف منه كون الخبر الواحد حجّة تعبّدا ، بل كان ذلك لأجل أنّهم عقلاء.
وعليه : فلم يبق في البين دليل على حجيّة خبر الثّقة إلّا سيرة العقلاء بما هم عقلاء ، بحيث استقرّ بناءهم وسيرتهم في جميع الأعصار والأمصار على العمل بخبر الثّقة في جميع امورهم ، ولم يردع عنه الشّرع ولم ينه عنها ، بل نهى وردع عن العمل بالقياس.
وبالجملة : الحياة البشريّة الاجتماعيّة تدور مدار حجّيّة الخبر الواحد بلا ريب