الثّاني ، فقال : «وإن اكره المكلّف على التّرك أو اضطرّ إليه أو نسي الفعل ، ففي شمول حديث الرّفع لذلك إشكال ـ مثلا ـ لو نذر أن يشرب من ماء الدّجلة ، فاكره على العدم أو اضطرّ إليه أو نسي أن يشرب ، فمقتضى القاعدة وجوب الكفّارة عليه لو لم تكن أدلّة وجوب الكفّارة مختصّة بصورة تعمّد الحنث ... فإنّ شأن الرّفع تنزيل الموجود منزلة المعدوم ، لا تنزيل المعدوم منزلة الموجود ، لأنّ تنزيل المعدوم منزلة الموجود إنّما يكون وضعا لا رفعا ، والمفروض ، أنّ المكلّف قد ترك الفعل عن إكراه أو نسيان ، فلم يصدر منه أمر وجوديّ قابل للرّفع ، ولا يمكن أن يكون عدم الشّرب في المثال مرفوعا وجعله كالشّرب حتّى يقال : إنّه لم يتحقّق مخالفة النّذر ، فلا حنث ولا كفّارة» (١).
وفيه : أنّ المرفوع على ما تقدّم منّا ، إنّما يكون نفس الخطأ والنّسيان ونحوهما من سائر العناوين. ومعلوم ، أنّ هذه العناوين كما تتعلّق بالامور الوجوديّة وهي الأفعال ، أو تنطبق عليها ، كذلك تتعلّق بالامور العدميّة وهي التّروك أو تنطبق عليها ، فالرّفع المتعلّق بها يرفعها بأيّ شيء تعلّقت أو على أيّ شيء انطبقت من أفعال أو تروك.
ألا ترى ، أنّ الخطأ ـ مثلا ـ قد يتعلّق بالفعل ، كشرب الخمر ، وقد يتعلّق بالتّرك ، كترك صلاة اللّيل المنذورة ، والرّفع في فرض تعلّقه بالفعل كما يكون مشتملا على الإرفاق والمنّة ، كذلك الرّفع في فرض تعلّقه بالتّرك. وقد عرفت : أنّ الرّفع
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ٣٥٢ و ٣٥٣.